مثلاً: مالك أشهر من روى عنه في هذا الإسناد. ثم بعد ذلك تبتدأ بالأعلى إسناداً، فتقول: رواه مالك في الموطأ كتاب وباب وجزء ... ألخ. ثم بعد ذلك تقول ومن طريق مالك أخرجه البخاري ـ لأن البخاري أقوى من مسلم ـ ثم بعد ذلك تُعرًج على مسلم.
وإن اتفقا فتبدأ بالأقوى أو الأعلى إسناداً، ثم بعد ذلك إن شئت أن تبدأ بعبدالرزاق لأنه أعلى إسناداً أو بمسلم لأنه أقوى وإن كان نازلاً.
ثم بعد ذلك أبدأ بأقرب إسناد في الإسناد الذي معي. مثال: أبو عوانة أقرب شيء له مسلم من رواية ابن نُمير عن أبيه.
* هناك فرق بين (من طريق) و (عن):
إذا كان بينهما وسائط فأقول (من طريق)، وإذا كان مباشر فأقول (عن). مثال: لو أردت رواية الضحاك بن عثمان الأسدي أقول أخرجه مسلم من طريق الضحاك، لأني تركت راويين قبل الوصول. ولكن إذا قلت مالك في الموطأ وعنه البخاري، لأن (عن) معناها: أن البخاري يروي مباشرة عن تلميذه.
ثم أقول أربعتهم عن نافع به.
* فوائد من تخريج هذا الحديث:
ما يتعلق بالمتن:
1/ رواية البخاري ومسلم جاءت بلفظ (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)، ماذا تسمى هذه الرواية؟ تُسمى محفوظة. لمَا؟ لأن روايةً شاذةً خالفتها، والذي يُقابل الشاذ هو المحفوظ. عند علماء المصطلح تسمى محفوظة بالرواية إلى الشاذة، وتسمى معروفة بالرواية إلى المُنكرة.
2/ رواية عبدالرزاق جاءت بلفظ (خمس وعشرين) أيهما أقوى هذه الرواية أو رواية البخاري ومسلم المخرّجة من طريق الإمام مالك ـ انظر شجرة الإسناد ـ عبدالله بن يوسف التنّيسي ثقة متقن ثبت إمام، و عبدالله العُمري ضعيف، أيهما أقوى؟ فَلِمَا خالفت والمخرج واحد كلاهما عن مالك عن نافع عن ابن عمر، فصارت رواية عبدالله العُمري التي أخرجها عبدالرزاق رواية مُنكرة، لأن المُنكرة رواية الضعيف مخالفاً لمن هو أقوى منه.
3/ رواية أبي عوانة في مستخرجه. قال: (تفضل بخمس وعشرين درجة)، راويها ثقة حافظ. الذي انفرد بها هو أبو أسامة حمّاد بن أسامة القرشي مولاهم وهو ثقة حافظ، والرجال مقبولون، إذاً روايته شاذة، لأن الرواية الشاذة هي: رواية المقبول مخالفاً لمن هو أقوى منه.
لماذا حكمنا عليها بالشذوذ؟ لأنه وإن كان ثقة مقبولاً من رجال الجماعة إلا أنه خالف من هو أقوى منه، مع اتحاد المخرج، فهو خالف مالك و، وخالف أيضاً عن عبيدالله وهو ثقة في الصحيح. مما يدل على أن روايته شاذة وإن كان ثقة.
4/ قال (بضعاً وعشرين). خالفت هذه الرواية من حيث اللفظ، ولم تخالف من حيث المعنى، لأن البضع ما بين الثلاثة إلى التسعة، فتصدق على سبع وعشرين، ولذا أُخرجت في الصحيح.
5/ نافع: هذا يُسمى مدار الحديث. ما المدار؟ المدار هو الرواي الذي تلتقي فيه الطرق، والمدار هو المؤثر في الحكم. ولذا لا بد أن يُعرف المدار هل فيه من الثقة والإتقان ما يُقبل به تفرده، وهل تُوبع أو لا؟ وهل اختُلف عليه أو لا؟ وكيف اختلف عليه؟ رفعاً ووقفاً ووصلاً وإرسالاً. وأيهما أقوى؟ وما هي المُرجحات؟ وغيرها.ثم إذا تُوبع، هل المتابع له معتبر به أو لا؟ وهل هو ثقة أو لا؟ هذه أمور تأتي عند الحكم على الحديث إن شاء الله.
6/ مالك: لو رجعنا إلى الأصول يقول عن عبدالله بن يوسف عن مالك عن نافع عن ابن عمر. مالك، الضحاك، عبدالله، عبيدالله ... وغيرها، هذا يُسمى في الكتب الأصلية مُهملاً. ما معنى مُهمل؟ أي لم يُنسب. لم يقل مالك بن أنس الأصبُحي، ولا قال عبدالله بن عمر بن الخطاب، فهذا يُسمونه مُهملاً، والإهمال قد يكون مؤثراً وقد يكون سهلاً، فإذا كان ليس في طبقته من يُشاركه، فإنه لا يُؤثر. لكن المُشكلة إذا كان في طبقته من يُشاركه في الاسم، ويُشاركه في الشيوخ والتلاميذ واختلفا في القوة، فأحدهما ثقة والآخر ضعيف، هنا يكون للإهمال وضعه. فنقول متى يكون الإهمال مؤثراً؟ إذا كان له مُشارك في الطبقة بحيث يتفقان في الرواية عن الشيوخ ويتفقان في الرواية عن التلاميذ ثم اختلفا في الثقة وعدمها، فهنا يُصبح الأمر شائكاً.
¥