تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعندما سعدت بلقائه في زيارته الأخيرة لدولة قطر، دار نقاش حول هذا الحديث، وذكرت مواطن الضعف في الروايات التي جمعتها، فقال - زاد الله علما وفضلا: إن ضعف هذه الروايات لا يعني ضعف الحديث، فقد يكون مرويا من طرق أخرى صحيحة لم تصل إليك (19)، ثم أشار إلى كنابين أحرجا الحديث ولم يكونا من المصادر التي اعتمدت عليها قبل هذا البحث:

أحدهما: معجم الطبراني، فنظرنا فيه ووجدنا في الإسناد القاسم بن حسان، فالرواية إذاً غير صحيحة.

والثاني: مستدرك الحاكم، وفيه ما يفيد سماع الأعمش من حبيب، ولكن يبقى أيضا مواطن الضعف الأخرى (20). ولم يتذكر لماذا صحح الحديث، ولم يتمكن من الرجوع إلى ما كتب نظرا لإبعاده عن داره ومكتبته - رد الله تعالى غربته. وبعد سفره قرأت ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، فلما أبلغ به طلب تصوير الصفحات.

إذاً ربما يعود الشيخ الجليل إلى البحث مرة أخرى، وربما ينتهي إلى ما انتهى إليه إمام السنة الإمام أحمد، وغيره من أهل العلم

والشيخ الجليل في تصحيحه للحديث أشار إلى تخريج المشكاة" فرأيت الرجوع إليها عسى أن أقف على حجته في التصحيح.

(18) انظر صحيح الجامع الصغير 2/ 217 - حديث رقم 2454.

(19) كلام الشيخ صحيح. ولذلك فقد جمعت كل ما استطعت جمعه والنظر فيه من الروايات. وقد أرشدني إلى هذا المنهج وساعدني في التطبيق منذ سنوات العلامة الثبت المحقق الأستاذ محمود شاكر.

(20) راجع ما ذكرناه من قبل عن الحاكم ومستدركه.

في الجزء الثالث من مشكاة المصابيح (ص ط 1735) جاءت روايتان للحديث هما رقم 6143، 6144.

قرأت الروايتين والتخريج فكانت المفاجأة مذهلة، وأثبت هنا ما جاء الكتاب بالنص:

الرواية رقم 6143: -

عن جابر، قال: رأيت رسول الله في حجته يوبر عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: " يا أيها الناس: إني تركت فهيم ما إن أخذتم به لن تضلوا. كتاب الله، وعترتي أهل بيتي ". (رواه الترمذي).

والرواية الأخرى نصها كما يلي:

وعن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي " ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما". (رواه الترمذي).

هاتان هما الروايتان، أما التخريج فهو كما بلي:

الرواية الأولى:

" وقال - أي الترمذي: حديث حسن غريب.

فقلت - أي الألباني: وإسناده ضعيف ".

الرواية الثانية: -

" وقال: حديث حسن غريب.

قلت: وإسناده ضعيفا أيضا، لكنه شاهد للذي قبله ".

هذا ما قرأته، ونقلته بنصه، والضعيف الذي يشهد للضعيف لا لمرتبة الصحيح، بل قد لا يزيده إلا ضعفا، فمن أين حاء تصحيح الشيخ إذاً؟

لا أدرى، ولا أحل أن أعقب بشيء يبنى على الظن.

وفي عصرنا أيضا نجد كتابا يسعى جادا للدخول إلى كل ببت، ورأيت طبعته العشرين في عام 1402 ه، ويوزع على سبيل الهدية في الغالب الأعم. واسم الكتاب " المراجعات " ذكر مؤلفه شرف الدين الموسوي هذا الحديث بالمتن الذي بينا ضعف أسانيده، وقال بأنه حديث متواتر! ثم نسب للشيخ سليم البشري – رحمه الله – شيخ الأزهر والمالكية أنه تلقى هذا القول بالقبول! وأنه طلب المزيد! ثم ذكر صاحب " المراجعات " بعد دلك روايات أشد ضعفا، ونسب للشيح البشري أيضا أنه أعجب بها، ورآها حججا ملزمة (21). والذي يعنينا هنا أمران:

الأول: تبرئة الشيخ البشري مما نسب إليه، فلم يكن ليجهل المتواتر، وبخلط بينه وبين الضعيف والموضوع، والكلام هنا كثير كثير، فليس هذا موضعه إذاً، وإنما هذا تنبيه لقارىء الكتاب حتى لا يظن بالشيخ لظنون.

الثاني: الإشارة إلى أن أقوى الروايات التي ذكرها هي ما بينا ضعفه، أما غيرها فمعظمه - إن لم يكن كله - تحدث عنه شيخ الإسلام ابن تيمية، وبين أنه موضوع لا أصل له (22).

وكثره الموضوع والضعيف لا يرفع الحديث إلى مرتبة الصحيح فضلا عن المتواتر.

(21) انظر الكتاب المذكور ص51، 61.

(22) اقرأ كتابه منهاج السنة النبوية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير