تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في معاقبة كل من يريد من الدول بحجة مسؤوليتها في الأحداث و هؤلاء كانوا من المسلمين و لذلك أعلنها صراحة أنها ستكون حربا صليبية. لقد صاحب ظهور العولمة انتشار خطاب أمريكي مبشرا بها و مروجا لها، صورها كطوق نجاة لحل مشاكل العالم و تحقيق الرخاء الاقتصادي و التقدم التكنولوجي أو التكريس الديمقراطي و دعم الحريات السياسية و احترام حقوق الإنسان و تحقيق السلام العالمي و التعاون الدولي و غير ذلك من القيم الإنسانية النبيلة. كقول بن كلنتون «يجب علينا أن نتابع رسالتنا التاريخية، و أن نسعى إلى توسيع مدى الديمقراطية، السوق، و ترسيخ انتصار الديمقراطية و الأسواق المفتوحة، و إن محافظة الولايات المتحدة الأمريكية على صدارتها العالمية هو من أجل خير العالم، و دفاع عن الديمقراطية و الملكية الخاصة و السوق الحرة». غير أن خطاب هذا الأمريكي مراوغ يخفي المقاصد و المساوئ الحقيقة، على كل العالم و بالأخص على الدول الإسلامية و التي تتمثل في: 1. تبنى العولمة على فرضية إلغاء الخصوصيات و استئصالها كلية، تبشر الحداثة التي تعني العمل بنظرية التطور و قطع الصلة بالماضي، أي الدين و اعتباره غير قادر على استيعاب ما تقرره الحياة من مظاهر، فكل الشعوب و خاصة الإسلامية أصبحت تواجه إشكالية صعبة بين العولمة و الأصالة أي الحداثة و المحافظة على المرجعيات الأساسية من دين و خصوصيات، فالعولمة في هذا المجال تطبيق نظرية هيكل الألماني «بأن الاندفاع الحقيق للعصرنة يلزم أن يلغي و يمحي الخصوصيات». 2. السيطرة على المناخات الفكرية أي الإعلام و ما ينبثق عنها من شقاقات و سلوكات و أخلاقيات سياسية و اقتصادية و اجتماعية، فهي تعمل على توجيه العالم إلى رأي عالمي وحيد يكون من صنعها، و خص الدول الإسلامية و الإسلام بالتطرف و التشدد و الإرهاب، و إعطاء الشرعية للتحرش على بعض الدول التي قد ترفض الانصياع لها، كتحرشها على السودان و سوريا و إيران، بل محاربة بعضها كالعراق و أفغانستان. 3. رفع شعار حقوق الإنسان للضغط على الدول التي لا تساير متطلباتها، أو التي ترفض العولمة معتمدين في ذلك على ما جاء في الإعلام العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 م من الأمم المتحدة، فأمريكا لها الشرعية للتدخل في أية دولة تقع فيها انتهاكات حقوق الطفل. 4. تفرض العولمة نظام ديمقراطي على كل دول العالم وفق المنظور الغربي للوصول إلى الحكم و السلطة بالانتخابات الحرة. 5. تعتمد العولمة على الخصخصة التي هي جزء منها و تعرف باللبيرالية الحرة النقدية أي تحرير رؤوس الأموال أو بعبارة أخرى هي تحويل المؤسسات العامة و المنشآت و المصانع و المرافق الاقتصادية. 6. تعمل العولمة على دعم الاقتصادات المحلية ضمن الاقتصاد العالمي، فتسمح بدمج المصارف الكبرى المحلية في أمريكا و دمج الشركات الكبرى لصناعة السيارات بين أمريكا و ألمانيا، و هذا لجعل التصدير في كل بلد يستهدف السوق العالمي، كما يستهدف الأسواق المحلية، و ذلك بإزالة الحواجز و القيود و لتسهيل الانتقال، و بالتالي تجعل الدول الضعيفة هياكل تتحرك بإرادة خارجية. 7. تعتمد العولمة سياسة السوق المفتوحة عالميا، الذي يعني إبقاء مجتمعات الدول الضعيفة مجتمعات استهلاكية لصالح الشركات الضخمة و هو ما ينتج عنه إحكام السيطرة عليها. 8. إخضاع الدول الضعيفة لقانون العرض و الطلب الذي تتلاعب فيه الشركات العملاقة، و اتساع الهوة بين الأغنياء و الفقراء، و هو ما يؤدي إلى سقوط القيم الإنسانية و تبني أخلاق مكيافلي. 9. إنصياع الدول الضعيفة إلى أمريكا خوفا منها لأنها المتحكمة الفعلية لهيئة الأمم و صندوق النقد الدولي و قوات حفظ السلام الأممية، فهي المسؤولة على العالم المشكل من 188 دولة. 10. إن العولمة نظام مادي لا أثر فيه لأية قيمة إنسانية، ستحول العالم إلى عالم بغي، متوحش يتحول فيه تسع أعشار (ـــــ) إلى محتاجين، و تصادر إرادتهم و حياتهم. إن عالم العولمة يكون هشا في استقراره مسبوقا بالحروب و الاضطرابات.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير