[صلة شروط لا إله إلا الله بحقيقة الإيمان عند أهل السنة]
ـ[محمد براء]ــــــــ[18 - 12 - 09, 05:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
فهذه كلمات يسيرة في بيان صلة شروط لا إله إلا الله، التي ذكرها العلماء المتأخرون من أئمة الدعوة النجدية بحقيقة الإيمان عند أهل السنة، وبالله التوفيق.
أجمع سلف الأمة على أن الإيمان قول وعمل، والقول عندهم هو قول اللسان بالنطق بالشهادتين، وقول القلب بالتصديق بهما، والعمل هو عمل القلب وعمل الجوارح، فهذه أربعة أركان.
وينبغي للطالب بعد أن يعلم معاني كل ركن من هذه الأركان، والأدلة على ركنيتها في الإيمان، أن يعلم أنه بين كل ركن منها وسائر الأركان تعلق ظاهر، ينبغي التفطن إليه وفهمه، إذ بذلك تزول كثير من شبهات المرجئة وغيرهم.
- فقول القلب وهو تصديقه، له تعلق بعمل القلب، وقد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى انظر: شرح الأصبهانية ص230، والصَّارم المسلول ص 376.
- وعمل القلب له تعلق بعمل الجوارح، وقد نص على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " أَلاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ ".
وأشار إلى ذلك شيخ الإسلام في أكثر من موطن انظر: مجموع الفتاوى (7/ 581)، (7/ 611)، (7/ 616)، (7/ 621).
- وقول اللسان له تعلق ظاهر بسائر الأركان، ومن أوضح ما يدل على ذلك، الشروط التي ذكرها العلماء لكلمة التوحيد: " لا إله إلا الله ".
وهذه الكلمة دلت على أمرين اثنين:
دلت بمنطوقها على نفي الألوهية عما سوى الله تعالى.
ودلت أيضاً على إثبات الألوهية لله تعالى.
واختلف: هل دلت على ذلك بمنطوقها أو مفهومها؟. وعقد ذلك بعض الفضلاء بقوله:
منطوق لا إله إلا الله=نفي الألوهية عن سواه
كذاك إثبات الألوهية له= وقيل: ذا مفهوم لفظ الهيلله
أقوى المفاهيم بلا استثناء =مفهوم ذي النفي والاستثناء
ورد ما خالف فيه المشركون=آكد من إثبات ما لا ينكرون
فأول ناسبه المنطوق = والثاني مفهوم به يليق
وذاك في حاشية البنّان =على المحِلي خُط بالبنان (1)
وهذان المدلولان من العلماء من يسميهما: ركنا " لا إله إلا الله ".
والقصد هنا: أن تعلم أن " شروط لا إله إلا الله " شروط للنفي والإثبات، وليست للإثبات فحسب كما سيأتي بيانه.
ومعنى: " شروط لا إله إلا الله ": الشروط التي ينبغي تحقيقها لينجو من قال لا إله إلا الله بلسانه في الآخرة.
قالَ وَهْبَ بْنُ مُنَبِّهٍ لِمَنْ سَأَلَهُ: أَلَيْسَ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ مِفْتَاحُ اَلْجَنَّةِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ مَا مِنْ مِفْتَاحٍ إِلَّا وَلَهُ أَسْنَانٌ، فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ، وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ. رواه البخاري معلقاً.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في رسالته المسماة: الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة: " شروط لا إله إلا الله:
الأول: العلم بمعناها نفياً وإثباتاً.
الثاني: اليقين، وهو: كمال العلم بها، المنافي للشك والريب.
الثالث: الإخلاص المنافي للكذب.
الرابع: الصدق المنافي للكذب.
الخامس: المحبة لهذه الكلمة، ولما دلت عليه، والسرور بذلك.
السادس: الانقياد لحقوقها، وهي: الأعمال الواجبة، إخلاصاً لله، وطلباً لمرضاته.
السابع: القبول المنافي للرد ".
وعلى هذا النحو ذكرها حفيده وتلميذه الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد ص64، وعنه أخذها تلميذه الشيخ سليمان بن سحمان ونظمها - مع نواقض الإسلام وزيادات أخرى – في نظم سماه: أشعة الأنوار في ما تضمنته لا إله إلا الله من بعض الأسرار، وكذلك نظمها الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي في سلم الوصول. رحم الله الجميع.
وبالنظر في هذه الشروط، تجد أن الشرط الأول والثاني وهما العلم واليقين، هما قول القلب، - إذ المراد بالتصديق الذي هو قول القلب التصديق الجازم، وهو اليقين، وهو لا يتم إلا بفهم معنى المصدَّق به، وهذا هو العلم -.
أما سائر الشروط فهي داخلة في ضمن أعمال القلب وأعمال الجوارح.
¥