تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[النور المحمدي بين الصوفية وأهل السنة]

ـ[هشام مشالي]ــــــــ[17 - 11 - 09, 10:12 ص]ـ

أضع بين يدي إخواني مقدمة تعريفية لهذا المصطلح راجيًا المشاركة في تفنيد هذه البدعة تفنيدًا علميًا قائمًا على استقصاء أدلتهم والرد عليها، وعدم الاقتصار على تفنيد ثبوت حديث جابر: (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر) فقط.

يقول الراغب الأصفهاني: «النور: الضوء المنتشر الذي يعين على الإبصار، وذلك ضربان دنيوي، وأخروي، فالدنيوي ضربان: ضرب معقول بعين البصيرة، وهو ما انتشر من الأمور الإلهية كنور العقل ونور القرآن. ومحسوس بعين البصر، وهو ما انتشر من الأجسام النيرة كالقمرين والنجوم والنيرات» ([1]).

والمقصود هنا التعريف بالنور المحمدي أي بالنور المختص به –صلى الله عليه وسلم- وإلا فكل من آمن بالله له نور معنوي (البصيرة) في الدنيا، ونور حسي في الآخرة على قدر عمله، ولما كان النبي –صلى الله عليه وسلم- أكمل المؤمنين إيمانًا، كان أتمهم نورًا في الدنيا والآخرة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالنبي -صلى الله عليه وسلم- مختص بالوحي الذي سماه الله نورًا، فقال: {واتَّبِعُوا النُّورَ الذي أُنزل معه}.

لكن الصوفيةاستعملوا مصطلح "النور المحمدي" بمفهوم يغاير مفهوم أهل السنة، ولهذا المصطلح عندهم مترادفات عدة، يجدر الإشارة إليها قبل بيان المقصود منها.

أسماء النور المحمدي عند الصوفية

أشار المعجم الصوفي إلى بعضها فعدّ: نور محمد–صلى الله عليه وسلم-، والحقيقة المحمدية، والكلمة المحمدية، وحقيقة محمد –صلى الله عليه وسلم- ([1]).

وتوسع بعضهم في عدها، يقول عبد القادر الكيلاني: «قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: (أول ما خلق الله بروحي، وأول ما خلق الله نوري، وأول ما خلق الله القلم، وأول ما خلق الله العقل). فالمراد منها شيء واحد، وهو الحقيقة المحمدية -صلى الله تعالى عليه وسلم-، لكن سمي نورًا لكونه صافيًا عن الظلمات الجلالية، وعقلًا: لكونه مدرك للكليات، وقلمًا: لكونه سببًا لنقل العلم، كما أن العلم سبب في علام الحروف» ([2]). وتقول فاطمة اليشرطية: «ولهذا النور المحمدي -صلى الله تعالى عليه وسلم- أسماء متعددة يعرفها أهل هذا الشأن، منها (الحقيقة المحمدية) -صلى الله تعالى عليه وسلم- الموصوفة بـ (الاستواء الرحماني) حيث لا يحصرها (أين) ... ويسمى أيضًا بـ (القلم الأعلى) و بـ (الدرة البيضاء) وبـ (روح الأرواح) وبـ (العقل الأول) وبـ (الأب الأكبر) وبـ (الروح الكلي) وبـ (الإنسان الكامل) بـ (إنسان عين الوجود) وبـ (الحقيقة المحمدية) -صلى الله تعالى عليه وسلم- إلى غير ذلك من الأسماء المشهورة عند أهل التصوف» ([3]).

وجعل إسماعيل حقي اسم الله الأعظم عبارة عنه، فقال: «واعلم أن الاسم الأعظم عبارة عن الحقيقة المحمدية فمن عرفها عرفه وهي صورة الاسم الجامع الإلهي وهو ربها ومنه الفيض فاعرف تفز بالحظ الأوفى» ([4]).

حقيقة النور المحمدي عند الصوفية

أهم من تحدث عن الحقيقة المحمدية بالتفصيل هو ابن عربي، وذلك في مواضع كثيرة من كتبه، من ذلك قوله: «بدء الخلق الهباء، وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية، ولا أين يحصرها لعدم التحيز. ومم وجد؟ من الحقيقة المعلومة التي لا تتصف بالوجود ولا بالعدم. وفيم وجد؟ في الهباء ... ولم وجد؟ لإظهار الحقائق الإلهية» ([5]).

ويفصل ابن عربي في موطن آخر مبينًا كيفية خلق النور المحمدي فيقول: «فلما أراد وجود العالم وبدأه على حد ما علمه بعلمه نفسه، انفعل عن تلك الإرادة المقدسة بضرب تجل، من تجليات التنزيه، إلى الحقيقة الكلية، انفعل عنها حقيقة تسمى الهباء ... ليفتح فيها ما شاء من الأشكال والصور، وهذا هو أول موجود في العالم .. ثم إنه سبحانه تجلى بنوره إلى ذلك الهباء ... والعالم كله فيه بالقوة والصلاحية فقبل منه تعالى كل شيء في ذلك الهباء، على حسب قوته واستعداده كما تقبل زوايا البيت نور السراج ... فلم يكن أقرب إليه قبولًا في ذلك الهباء إلا حقيقة محمد –صلى الله عليه وسلم- المسماة بالعقل، فكان سيد العالم بأسره، وأول ظاهر في الوجود، فكان وجوده من ذلك النور الإلهي ومن الهباء ومن الحقيقة الكلية، وفي الهباء وجد عينه وعين العالم من تجلياته» ([6]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير