تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدليل الرابع: ما ثبت واستفاض من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على راحلته، وأدخلها المسجد الحرام الذي فضله الله على جميع بقاع الأرض، وبرّكها حتى طاف أسبوعا (سبعة أشواط) وكذلك إذنه لأم سلمة أن تطوف راكبة، ومعلوم أنه ليس مع الدواب من العقل ما تمتنع به من تلويث المسجد المأمور بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود، فلو كانت أبوالها نجسة لكان فيه تعريض المسجد الحرام للتنجيس، مع أن الضرورة ما دعت إلى ذلك، وإنما الحاجة دعت إليه.

الدليل الخامس: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: " فأما ما أُكِل لحمه فلا بأس ببوله " إلا أن الحديث قد اختلفوا فيه قبولا وردا، فقال أبو بكر عبد العزيز: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال غيره: هو موقوف على جابر.

فإن كان الأول فلا ريب فيه، وإن كان الثاني فهو قول صاحب، وقد جاء مثله عن غيره من الصحابة: أبي موسى الأشعري وغيره ...

الدليل السادس: الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ساجدا عند الكعبة، فأرسلت قريش عقبة بن أبي معيط إلى قوم قد نَحَروا جَزُورًا لهم، فجاء بفَرْثِها وسلاها فوضعها على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، ولم ينصرف حتى قضى صلاته " فهذا أيضا بيَّن أن الفرث والسلى لم يقطع الصلاة.

الدليل السابع: ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه نهى عن الاستجمار بالعظم، والبَعْر " وقال: " إنه زاد إخوانكم من الجن " وفي لفظ قال: "فسألوني الطعام لهم ولدوابهم، فقلت: " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يعود أوفَر ما يكون لحما، ولكم بَعْره عَلَفٌ لدوابكم " قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فلا تستنجوا بهما، فإنهما زاد إخوانكم من الجن ".

فوجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بالعظم والبعر الذي هو زاد إخواننا من الجن، وعلف دوابهم، ومعلوم أنه إنما نهى عن ذلك لئلا ننجسه عليهم.

الدليل الثامن: أن هذه الأعيان لو كانت نجسة لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبينه، فليست نجسة ...

الدليل التاسع: أن الصحابة والتابعين وعامة السلف قد ابتلي الناس في أزمانهم بأضعاف ما ابتلوا به في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشك عاقل في كثرة وقوع الحوادث المتعلقة بهذه المسألة. ثم المنقول عنهم أحد شيئين: إما القول بالطهارة أو عدم الحكم بالنجاسة ...

الدليل العاشر: أنا نعلم يقينا أن الحبوب من الشعير والبيضاء والذرة ونحوها كانت تزرع في مزارع المدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، ونعلم أن الدواب إذا داست فلا بد أن تروث وتبول، ولو كان ذلك ينجس الحبوب لحرمت مطلقا، أو لوجب تنجيسها.

الدليل الحادي عشر: وهو من جنس سابقه: وهو إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم في كل عصر ومصر على دياس الحبوب من الحنطة وغيرها بالبقر ونحوها، مع القطع ببولها وروثها على الحنطة، ولم ينكر ذلك منكر، ولم يغسل الحنطة لأجل هذا أحد ...

الدليل الثاني عشر: أن الله تعالى قال: (أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) البقرة: 125، فأمر بتطهير بيته الذي هو المسجد الحرام، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بتنظيف المساجد، وقال: "جعل لي كل أرض طيبة مسجدا وطهورا" وقال: "الطواف بالبيت صلاة" ومعلوم قطعا أن الحمام لم يزل ملازما للمسجد الحرام لأمنه، وعبادة بيت الله، وأنها لا يزال ذَرْقُه ينزل في المسجد، وفي المطاف والمُصلَّى. فلو كان نجسا لتنجس المسجد بذلك، ولوجب تطهير المسجد منه ....

الدليل الثالث عشر: أننا رأينا طيب المطعم يؤثر في الحِل، وخبثه يؤثر في الحرمة، كما جاءت به السنة في لحوم الجَلاَّلة ولبنها وبيضها، فإنه حرم الطيب لاغتذائه بالخبيث، وكذلك النبات المسقي بالماء النجس، والمسمَّد بالسِّرْقين عند من يقول به، وقد رأينا عدم الطعام يؤثر في طهارة البول، أو خفة نجاسته، مثل الصبي الذي لم يأكل الطعام.

وقد ثبت أن المباحات (من البهائم) لا تكون مطاعمها إلا طيبة، فغير مستنكر أن تكون أبوالها طاهرة لذلك.

وبهذه الأدلة الناصعة: يتبين لنا رجحان القول بطهارة بول ما يؤكل لحمه وروثه، دون أن يكون في نفس المسلم أدنى ريب من ذلك. وبالله التوفيق.

والله أعلم.

ـ[أبو عزام بن يوسف]ــــــــ[19 - 03 - 10, 06:47 ص]ـ

قال ابن خزيمة ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَعِيدٌ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَبَرَّزَ، فَقَالَ: " ائْتِنِي بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ "، فَوَجَدْتُ لَهُ حَجَرَيْنِ وَرَوْثَةَ حِمَارٍ، فَأَمْسَكَ الْحَجَرَيْنِ وَطَرَحَ الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: " هِيَ رِجْسٌ " قلت: فيه زياد بن الحسن وأبوه متكلم فيهما وبقية رجاله ثقات. وأخرج هذا اللفظ الطبراني في الكبير من طريق زياد بن الحسن عن أبيه.

ولم أجد قوله (روثة حمار) إلا من طريق زياد بن الحسن عن أبيه فهي على هذا ضعيفة والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير