تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال " والثالث أن الصحابة عملوا على هذا الاحتياط فى الدين لما فهموا هذا الأصل من الشريعة وكانوا أئمة يقتدى بهم فتركوا أشياء وأظهروا ذلك ليبينوا أن تركها غير قادح وإن كانت مطلوبة فمن ذلك ترك عثمان القصر فى السفر فى خلافته وقال إني إمام الناس فنظر إلي الأعراب وأهل البادية أصلي ركعتين فيقولون هكذا فرضت وأكثر المسلمين على أن القصر مطلوب وقال حذيفة ابن أسيد شهدت أبا بكر وعمر وكانا لا يضحيان مخافة أن يرى الناس أنها واجبة وقال بلال لا أبالي أن أضحي بكبش أو بديك وعن ابن عباس أنه كان يشتري لحما بدرهمين يوم الأضحى ويقول لعكرمة من سألك فقل هذه أضحية ابن عباس وكان غنيا وقال بعضهم إنى لأترك أضحيتى وإني لمن أيسركم مخافة أن يظن الجيران أنها واجبة وقال أبو أيوب الأنصاري كنا نضحى عن النساء وأهلينا فلما تباهى الناس بذلك تركناها ولا خلاف فى أن الأضحية مطلوبة وقال ابن عمر فى صلاة الضحى إنها بدعة وحمل على أحد وجهين إما أنهم كانوا يصلونها جماعة وإما أفذاذا على هئية النوافل في أعقاب الفرائض

وقد منع النساء المساجد مع ما في الحديث من قوله لا تمنعوا إماء الله مساجد الله لما أحدثن فى خروجهن ولما يخاف فيهن.

والرابع أن أئمة المسلمين استمروا على هذا الأصل على الجملة وان اختلفوا فى التفاصيل فقد كره مالك وأبو حنيفة صيام ست من شوال وذلك للعلة المتقدمة مع أن الترغيب فى صيامها ثابت صحيح لئلا يعتقد ضمها إلى رمضان

قال القرافي وقد وقع ذلك للعجم وقال الشافعي فى الأضحية بنحو من ذلك حيث استدل على عدم الوجوب بفعل الصحابة المذكور وتعليلهم والمنقول عن مالك من هذا كثير وسد الذريعة أصل عنده متبع مطرد فى العادات والعبادات فبمجموع هذه الأدلة نقطع بأن التفريق بين الواجب والمندوب إذا استوى القولان أو الفعلان مقصود شرعا ومطلوب من كل من يقتدى به قطعا كما يقطع بالقصد إلى الفرق بينهما اعتقادا.

ثم سرد رحمه الله طرقا للتفريق بين كليهما.

وانظر أخي إلى هذه الفتوى من فتاوى اللجنة الدائمة والتي كانت جوابا على حكم الدوام على قراءة سورتي السجدة والإنسان يوم الجمعة فكان كالآتي تشرع قراءة سورة السجدة وسورة الدهر في صلاة فجر يوم الجمعة، ولا بأس بالمداومة على ذلك، لكنْ إنْ خشي أن يظن بعض الناس وجوب المداومة عليهما شرع له ترك قراءتها في بعض الأحيان.

فانظر رحمك الله إلى هذا الفهم الراقي من هؤلاء العلماء حيث أجابوا عليه إجابة الحكيم () فلم يكتفوا بقولهم نعم هو سنة وحسب بل زادوا عليه بقولهم لكنْ إنْ خشي أن يظن بعض الناس وجوب المداومة عليهما شرع له ترك قراءتها في بعض الأحيان.

إذا خلاصة ذلك أن المندوب إذا ظن بعضهم الوجوب أو خيف عليه ذلك شرع تركه من أجل ذلك فضلا عن أن تركه أصلا سنة حتى يغاير الواجب على ما بينه الشاطبي رحمه الله تعالى.

ثالثا: وقد أخرت هذا الوجه عن سابقه إذ يشمل الأدلة النقية بطولها التي توضح ما أسلفنا ذكره ومشينا على رسمه من بدعة المداومة فإليكم قولي وبالله التوفيق.

عباد الله لقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم جنائز عدة ما وعظ فيها فضلا عن جنائز ما حضرها أصلا بل ربما وصف أصحابه رضوان الله عليهم وصفا له يكون كالوعظ بل أقل قوة من جهة التشريع ومن جملة ذلك ما أخرجه

أبو داود والدارقطني والبيهقي في سننهم من حديث عاصم بن

كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال

: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر " أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه " ولم ينقل عنه وعظ في هذا الموضع وكذا حديث سلمان وهو يستظهر علامات النبوة كما أخرج الإمام أحمد في مسنده والبزار في مسنده والطبراني في المعجم الكبير وفيه " ... ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قال وقد تبع جنازة من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدرته عرف أني استثبت في شيء وصف لي قال فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول فتحولت فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس قال فأعجب رسول الله صلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير