تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن حجر عقب هذا الحديث فإذا اختلفتم أي في فهم معانيه فقوموا عنه أي تفرقوا لئلا يتمادى بكم الاختلاف إلى الشر قال عياض يحتمل أن يكون النهي خاصا بزمنه صلى الله عليه وسلم لئلا يكون ذلك سببا لنزول ما يسوؤهم كما في قوله تعالى لا تسألوا عن أشياء أن تبد لكم تسؤكم ويحتمل أن يكون المعنى أقرءوا والزموا الائتلاف على ما دل عليه وقاد إليه فإذا وقع الاختلاف أو عرض عارض شبهة يقتضي المنازعة الداعية إلى الافتراق فاتركوا القراءة وتمسكوا بالمحكم الموجب للالفة وأعرضوا عن المتشابه المؤدي إلى الفرقة وهو كقوله صلى الله عليه وسلم فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروهم ويحتمل أنه ينهى عن القراءة إذا وقع الاختلاف في كيفية الأداء بأن يتفرقوا عند الاختلاف ويستمر كل منهم على قراءته ومثله ما تقدم عن بن مسعود لما وقع بينه وبين الصحابيين الآخرين الاختلاف في الأداء فترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال كلاكما محسن "

أقول والظاهر أن النهي عام يشمل كل زمان ومكان وليس من قبيل النهي الذي يفعل أحده من غير الإنكار كالقراءات فالأمر مختلف في هذه المسألة ومنتف تماما يعضده قول النبي صلى الله عليه وسلم " فقوموا عنه " بل يشهد له الحديث الذي أخرجه ابن ماجة في سننه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يختصمون في القدر فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب فقال بهذا أمرتم أو لهذا خلقتم؟ تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت الأمم قبلك "

قال عبد الله بن عمرو ما غبطت نفسي بمجلس تخلفت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غبطت نفسي بذلك المجلس وتخلفي عنه فلعل هذا قصد النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.

إن كان هذا في القرآن وهو عمود الدين وأصل الديانة فكيف بالوعظ الدائم وهو أمر لم ينص عليه

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم برفع لية القدر كما جاء من حديث عبادة بن الصامت قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبر الناس بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين قال النبي صلى الله عليه وسلم خرجت لأخبركم فتلاحى فلان وفلان وإنها رفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة " ولم يكتب لهم كتابا من أجل اختلافهم كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال اتئوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا من بعده قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كناب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع فخرج ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه فالأصل ما اتفق عليه المسلمون وأما ما اختلفوا فيه وعمت الفتنة من جراء فعله وليس بواجب عند أحد الفريقين فيجب اعتزاله والمشارك في الفتنة مجانب للصواب وقد بين ذلك ابن مسعود حين صلى مع عثمان رضي الله عنه بمنى أربع وقد أخرجه البخاري وغيره من طريق عبد الرحمن بن يزيد يقول صلى بنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بمنى أربع ركعات فقيل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه فاسترجع ثم قال صليت مع رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وصليت مع أبي بكر رضي الله عنه بمنى ركعتين وصليت مع عمر بن الظاب رضي الله عنه بمنى ركعتين فليت حظي من أربع ركعات متقبلتان وأخرجه أبو داود بلفظ صلى عثمان بمنى أربعا فقال عبد الله بن مسعود صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين زاد عن حفص ومع عثمان صدرا من إمارته ثم أتمها زاد من ههنا عن أبي معاوية ثم تفرقت بكم الطرق فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين

رأينا أن كل هذا في أمور قد نص عليها فكيف بالمداومة على الوعظ وهل يظن بعد كل هذا أنه سنة.

إذا بتأصيلنا هذه القاعدة: إذا شابت الفتنة أمرا غير منصوص عليه وليس في تركه عصيان فإنا لا نتعدى به إلى غير أصله بل نقف على ما جاءت به النصوص ولا نتعداها وهذا متحقق في هذه المسألة فما من قائل بوجوب الوعظ فضلا عن المداومة.

ولك أخي أن ترجع إلى السلف الصالح حتى ترى كيف تعاملوا مع هذه الحادثة وما فهموا منها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير