تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وميراث هذه الأصناف الثلاثة مبنية على اليقين، واليقين: هو الأقل من فرض حالة الذكورة أو الأنثوية.

الشرح التفصيلي:

هذا النوع من التوريث: البعض يسميه التوريث بالتقدير؛ أي بتقدير حالة الجنس أو الوصف، ولكن هذه التسمية عليها إشكال من طرفين:

الأول- إشكال في التسمية: التوريث لا يكون بالتقدير، بل بالقطع واليقين.

الثاني: إشكال في التوريث: حيث لا يمكن أن نورثه ميراثاً كاملاً على إحدى الحالتين، بل لا بد من عملية حسابية فرائضية خاصة.

ولعل الأصوب والله أعلم إن أردنا تصنيف هذا النوع من التوريث أن نسميه التوريث باليقين، أو بالأقل. وهذا ينطبق على الحالتين الذكورة والأنوثة.

ولعل الإمام الرحبي ابتدأ بميراث الخنثى، ثم المفقود، ثم الحمل، على حسب الندرة، أو على تقدير المدة الزمنية المتوسطة ما بين الطويلة في المفقود، والقصيرة في الحمل.

وأياً كان التقدير أو التعليل، فهكذا ألهمه الله تعالى وأجرى على لسانه هذا الترتيب، وواجب علينا احترام ذلك، والابتداء من حيث بدأ، فبدأ ببيان حال الخنثى، ثم المفقود ثم الحمل، فأقول – وبالله التوفيق-:

تعريف الخنثى

لغة: مأخوذ من خنث الطعام أي اشتبه أمره فلم يخلص طعمه، و يسمّى الخنثى بذلك لاشتراك الشبه فيه.

و قيل: مأخوذ من الخنث وهو اللّين و التكسّر، يقال: خنث و تخنّث إذا شبّه كلامه بكلام النساء لينا و رخاوة، أو تشبّه في مشيته و لباسه بالنّساء، ومنه الحدث الشريف: (لعن الله المخنّثين من الرّجال و المترجلات من النساء) [صحيح البخاري: رقم/5547/عن ابن عباس رضي الله عنهما].

الخنثى شرعاً: هو من كانت له آلة الرجال وآلة النّساء معاً، أو ليس له شيء منهما أصلاً، و في هذه الحالة يُلتبس أمره هل هو ذكر أم أنثى؟ و يسمّى " الخنثى المشكل ".

ولا يوجد الخنثى إلا في البنوة والإخوة، والعمومة، والولاء.

ميراث الخنثى

روي أنَّ عامر بن الظّرب كان من حكماء العرب في الجاهلية، فجاءه أناس من قومه يسألونه عن حادثة امرأة ولدت غلاماً له عُضْوان، فتحيَّرَ وجعل يقول: "هو رجل و امرأة "، فلم يقبل منه العرب ذلك، فدخل بيته للاستراحة فجعل يتقلّب على فراشه دون نوم، وكانت له جارية ذكية مشهورة بجودة الرّأي فانتبهت له فسألته عن سبب ضجره وتحيّره فأخبرها فقالت له: "دع الحال، و حكّم المبال"، أي اجعل المبال هو الحكم، فاستحسن رأيها وخرج إلى قومه فقال: " انظروا إن كان يبول من الذكر فهو غلام، و إن كان يبول من الفرج فهو أنثى "، فاستحسنوا ذلك الرّأي و بقي ذلك حكماً جاهلياً ".

و جاء الإسلام و أقرّ هذا الحكم حيث اعتمد الفقهاء عليه مستندين في ذلك على ما روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: (سئل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن مولود له قبل و ذكر من أين يورث؟ فقال: من حيث يبول) [سنن البيهقي الكبرى: رقم/12298/].

كما أخرج ابن شيبة و عبد الرزاق عن الشعبي (عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنّه ورّث خنثى من حيث يبول) [مصنف عبد الرزاق:/19204/] و زاد ابن المسيّب في روايته: ((فإن كانا في البول سواء فمن حيث سبق) [رقم/19206/].

و إذا تعارضت فيه العلامتان فحكمه حكم الخنثى المشكل، و يبقى مشكلاً إلى وقت البلوغ، فإن احتلم كما يحتلم الرجل، أو كان له ميل إلى النساء، أو نبتت لحيته فهو ذكر، وإن ظهر له ثدي أو حاض فهو امرأة، و إن لم تظهر هذه العلامات فيبقى خنثى مشكل.

على أنّه توجد اليوم طرق أخرى يمكن بها معرفة نوع الإنسان " ذكر أم أنثى "، و ذلك عن طريق علم الطب الحديث، و هذا بعد إجراء الجراحة الخاصّة بذلك.

ولا نريد أن نتوسع فيه لأنه يعني حالات نادرة أو أندر من النادر؛ ولذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في تفصيل الفرائض لما أتى لهذا الباب قال: قد أشبع الكلام عليه في باب الميراث ولقلة وقوعه تركنا الكلام عنه، وهذا منهج السلف أنهم لا يركزون على المسائل غير الواقعة بل يركزون على المسائل الواقعة، هذا منهج ينبغي أن يسلكه طالب العلم، أن يركز في بحثه وفي طلبه وفي تحقيقه للمسائل على المسائل الواقعة، أما المسائل المفترضة فلا يركز عليها، المسائل نادرة الوقوع لا بأس أن يُلم بها، لكن من غير أن يركز عليها ويتوسع فيها على حساب مسائل أهم منها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير