فمن أحب التوسع أكثر (من الناحية الفقهية فعليه بمراجعة كتب الفقه).
آراء الفقهاء في ميراث الخنثى:
ننتقل للجانب التطبيقي للخنثى، و في ميراثه اختلفت آراء الفقهاء:
أولاً- الحنفية: اعتمدوا أيضاُ على مسلك البول و السّبق فيه، و زاد الصاحبان أيضاً: " إذا التبس الأمر في المسلك و السّبق نظر أيّهما أكثر"، فردّ عليهما أبو حنيفة قائلاً: " هل رأيت قاضياً يزن البول بالأوراق"؟.
فهم يورّثون الخنثى المشكل باليقين في نصيبه،
المسألة تُحل على حلين، أحدهما على فرض الخنثى ذكراً، و الأخرى على فرض الخنثى أنثى، و يأخذ الخنثى أقل النّصيبين.
ثانياً- المالكية و الحنابلة: إذا اتضح حال الخنثى بعلامة تميّزه ورث على أساس ذلك، فإن أشكل أمره بانعدام أيّ مُمَيِّز فهو في هذه الحالة "خنثى مشكل"، و يرث نصف نصيبي ذكر وأنثى،
أي تحلّ المسألة على حلّين: على أساس أنّه ذكر و يحصل على نصف النّصيب، ثمّ تحلّ المسألة على أساس أنّه أنثى و يحصل على نصف النّصيب، ثم يجمع النصفان و يكون هو نصيب الخنثى، أو تحل المسألة على أساس الذكورة و على أساس الأنوثة و يجمع النصيبان ثم يقسم الناتج على اثنين فيكون هو نصيب الخنثى.
أما إن كان الخنثى يرث على فرض و لا يرث على فرض آخر فيعطى نصف نصيبه على فرض إرثه.
ثالثاً- الشافعية: اعتمدوا كذلك على مسلك البول و على كثرته، فإن لم يعرف نظر إلى ميله، فإن كان يميل بطبعه إلى النّساء فهو ذكر، وإن كان يميل بطبعه إلى الرّجال فهو أنثى، وإن قال: بأنه يميل إليهما فهو " خنثى مشكل ".
و هم يعطون كلاً من الورثة و الخنثى نصيبه الأقل لأنّه المتيقن بالنسبة لكل واحد منهم، ويوقف الباقي إلى ظهور الحال، أي يفرض له مسألتان: الأولى على فرض أنّه ذكر، والثانية على فرض أنّه أنثى، ثمّ يعطى الخنثى أقل نصيب في المسألتين، و يوقف الفرق بينهما إلى أن تظهر حاله أو يصطلح الورثة، أو يموت الخنثى فيرجع حظّه إلى ورثته.
أما إن كان محروماً على أحد التقديرين حرم من الميراث.
و كذلك إذا كان أحد الورثة محروما مع الخنثى على تقديري الذكورة و الأنوثة فيحرم من الميراث.
و هذا هو المعتمد في مذهب الإمام الشافعي و إليه أشار صاحب " متن الرحبية ":
أي: باق على إشكاله، لم يتضح بذكورة، ولا بأنوثة.
فاقسِم على الأقل واليقين******* تحظ بحق القِسْمَةِ والتبْيين
أي: فاقسم التركة، بين الورثة، والخنثى، على الأقل، لكل من الورثة، والخنثى، إن ورث بتقدير الذكورة، أو الأنوثة، واليقين أي: المتيقن وهو الأقل. تحظى بالقسمة الحق، المبين: الواضح الظاهر.
وعليه سيكون تفصيل الحل، علماً بأن للمالكية والحنابلة رأياً آخر.
كيفية تقسيم التركة حال وجود الخنثى، له ثلاثة أحوال:
1 - إن كان الخنثى محجوباً على كل تقدير فإنه لا خلاف بأن تقسم فوراً، ولا معنى للتوقف والانتظار.
2 - إن كان حاجباً للموجودين، ولو على بعض التقديرات فإن التركة توقف ولا يعطى الموجودون منها شيئاً.
3 - إذا كان مشاركاً للموجودين غير حاجب ولا محجوب، ولكن يختلف نصيبه إن كان ذكراً، أو كان أنثى، يأخذ هو والورثة الفرض الأدنى.
وذلك بأن نجري له مسألتين: الأولى على فرض الذكورة، والثانية على فرض الأنوثة.
كيفية حل المسائل:
1 - نحل المسألة الأولى حلاً عادياً على فرض (ذكر)، والمسألة الثانية على فرض أنثى.
2 - لاستخراج عمود الجامعة: ننظر بين أصل المسألتين بأحد النظائر (التماثل، التوافق، التباين).
التماثل: يبقى الأصل الأول هو الجامعة، ثم نقارن بين نصيبي الوارث في المسألتين فنضع النصيب الأقل لكل وارث في عمود الجامعة، والزائد بجواره خارج العمود، ويسمى (موقوف) مثال: مات عن زوجة، وأخت شقيقة، وعم خنثى.
على فرض الذكورة: أصل المسألة: /4/، للزوجة الربع/1/، وللأخت النصف/2/، والباقي للعم بالتعصيب.
وعلى فرض الأنوثة: يبقى أصل المسألة/4/، للزوجة الربع/1/، وللأخت الباقي فرضاً ورداً، ولا شيء للخنثى (لأنها عمة وهي من الأرحام).
ننظر بين أصلي المسألتين: (تماثل وهو/4/) فيبقى أصل عمود الجامعة.
نعطي الزوجة، فرضها لأنه لم يتغير، ونعطي الأخت وكذلك الخنثى: النصيب الأقل.
التوافق: نأخذ وفق أصل المسألتين ونبادلهما ثم نضرب أصل المسألة بوفق الثانية، والناتج هو الجامعة، ثم نتابع كما في التماثل، مثال: مات عن: أب، وأم، زوجة، وابنين أحدهما خنثى.
تصح المسألة الأولى بعد التصحيح من:72، وصحت المسألة الثانية بعد العول إلى/27/، وبينهما توافق بـ/9/
بمعنى:72÷9=8، و27÷9=3، ونتيجة ضرب أصل المسألة بما فوقها يصبح الناتج /216/
ونلاحظ المتابعة عندما نضرب نصيب كل وارث في المسألتين، والناتج الأقل في عمود الجامعة، والزائد نضعه في حقل الموقوف، وللتحقق من النتيجة الصحيحة، مجموع الأعداد الصغيرة، يساوي العدد الأكبر فيهم.
التباين: نحول أصل المسألة الأولى إلى الثانية، والثانية إلى الأولى ثم نضربهما ببعض، ونتابع مثل السابقة.
المثال: مات عن: زوجة، وأم، وأخوين أحدهما خنثى.
بين الأصلين تباين، فنضع فوق أصل المسألة الأولى، أصل المسألة الثانية، والعكس صحيح ثم نضربهما ببعض. والناتج هو أصل عمود الجامعة.
ثم نضرب سهام كل وارث بما فوق أصل المسألتين، ونضع النصيب الأقل في عمود الجامعة.
ملاحظة هامة: في الموقوف يوجد عدد كبير، وأعداد صغيرة، يجب أن يكون العدد الكبير مساوياً لجمع الأعداد الصغيرة، أو يتكرر العدد نفسه، كما في المسائل السابقة.
وسيتبعه إن شاء الله ميراث المفقود
¥