ولكن يخالف الشافعي في قضية الفلوس معدن أو نحوه، فالشافعي لا يُجري الربا في الفلوس، ويقول هو في الذهب والفضة فقط، أما مالك يدخل الفلوس في الربا لأنه يرى أن منع الربا في الفلوس يجرئ الناس على الربا بناء على قاعدته (سد الذرائع).
وقد فهم بعض الفقهاء بناء على مذهب الشافعي في الفلوس أن الأوراق النقدية لا ربا فيها، ولكنّ الشافعية عللوا ذلك بأن هذه الفلوس قد تكون في بلد لها قدر، وفي بلد آخر ليس لها قدر، فلم يُجْمعِ الناس على اعتبارها أثمانا وأن لها قدرا، وهذا لا ينطبق على الأوراق النقدية في زمننا هذا.
ومذهب مالك في بقية الستة أن العلة أنها مطعومة، ولكنه يفرق بين ربا الفضل، وربا النسيئة، فربا الفضل عنده علته هي الاقتيات والادخار، وأما في النسيئة فيطلق ويدخل حتى الخضروات.
أبو حنيفة وأحمد: العلة في الذهب والفضة أنهما موزون جنس، فجعلوا العلة للوزن. وبقية الأجناس الكيل، وأحمد عنه روايات متعددة في بيان علة الربا، منها رواية توافق الشافعي، ورواية توافق المصنف هنا وهي المطعوم مع الكيل أو الوزن، وأما في الأثمان في الرواية الأخيرة هذه قالوا: علة الذهب والفضة مطلق الثمنية، وهذا غير الثمنية المطلقة، وهذا اختاره شيخ الإسلام.
ومطلق الثمنية يكون في الذهب والفضة وغيرها، ولذا فالصحيح أن الربا يدخل في الأوراق النقدية، لأنها قامت مقام الذهب والفضة، والأوراق النقدية للدول كل يعتبر جنسا مستقلا بذاته، فالدولار جنس، والدينار الكويتي جنس، والريال السعودي جنس، والدرهم جنس.
- الأوراق النقدية ما دام أنها في مقام الذهب والفضة، لكنها ليست تماما كالذهب والفضة، فقد تلغى هذه الفئة من الأوراق، فقد يطرأ عليها الكساد، وإما أنها تنخفض في سعرها؛ وأبرأ الأقوال إبراء للذمة هو أن يسدد قيمة هذه المبالغ الورقية التي كسدت بقيمتها يوم استلمها.
- التفاح والبرتقال المعتاد عليه أنها تُعد عدا، ولذا فلا تدخلها الربا، لو باع برتقالتين ببرتقالة، لأنها تعد ولا توزن في الأصل، بخلاف المتعارف عليه الآن.
- المقصود بالكيل الصاع، أما الكيلو فهو من وحدات الوزن، ومما يُكال البر والقمح وغيرها، وما يوزن مثل اللحوم.
- ما تعارف الناس على أنه ثمن فهو يدخله الربا، وما لم يتعارف عليه ثمنا فلا يدخله الربا، كالحديد والنحاس، إلا على قول من لم يدخل الطعم أو قال بمطلق المكيل والوزن.
(2) هناك أشياء في عهد النبوة جُعلت عُرفا موزونة، وأخرى مكيلا، فالمكيل من الطعام لا يجوز بيعه بجنسه موزونا، لأنه اختلاف فيها فيقع الزيادة والتفاضل بينهما، مثلا: لا يجوز أن يبيع صاعا من البر ببر موزون.
هناك أعيان لا تختلف سواء بالوزن أو الكيل كالمائعات، المائعات هي من قبيل المكيل لا الموزون، لكن المائع كالألبان والأدهان وضعناه في الصاع أو في الميزان فهو لا يختلف، فهل يجوز بيعه تارة بهذا وتارة بهذا؟ ظاهر المذهب المنع، بل يتعامل بالموزون بالوزن، والمكيل بالصاع، أما شيخ الإسلام جوز ذلك على ألا يقع تفاضلا، وهذا القول له وجاهته لأنه يتحقق به المماثلة. وما وقع فيه التفاضل فالمنع بالاتفاق، ولا يجوز التفاضل حتى لو كان التفاضل يسيرا لعموم الأدلة، وقد جوز ذلك بعض أهل العلم لأنها أمور لا يهتم الناس كثيرا بها.
(3) فيجوز أن تبيع صاعا من تمر بصاعين من شعير، وبالتالي جاز أن يُباع الصاع بالوزن (أي بالمثاقيل)، كما يذكر المؤلف هنا جاز بيعه بالكيل أو الوزن أو جزافا بالكومة، ولكن على شرط التقابض في مجلس العقد (وهذا معنى يدا بيد)، فلا يجوز النَّساء أي التأخير، فلا يجوز التفرق قبل القبض؛ وهذا ليس عاما، فقد خرج منه بالإجماع الذهب والفضة مقابل بقية الأجناس، والأول الثمن والثاني المثمن، خرج هذا بالإجماع.
- في الأموال القيمية (غير المطعومة) لا يدخلها المماثلة ولا وجوب القبض في مجلس العقد، مثل: سيارة بسيارة.
(4) أو أكثر.
(5) مثلا التمر، منه ما يسمى بالإخلاص، ومنه ما يُسمى بالسكري، ومنه ما يُسمى المكتوي، فهذه أسماء متعددة، ولكن كلها تمر، فجنسها واحد، فلا يجوز بيع صاع من البرحي بصاعين من السكري، ومثلها اللحوم: لحم بقر، لحم غزال، لحم ماعز.
¥