تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تبين مما سبق أن وقت الفجر هو من بداية ظهور الضوء المستطير في الأفق،وهذا الضوء قد تختلف الأنظار والمتابعات في تحديد أوله الذي جعل الناسيختلفون في دخول الفجر أو عدم دخوله، كما أن هذا الضوء مما لا يمكن ضبط رؤيته بالحساب البتة، وقد صرح الدكتور أحمد إسماعيل خليفة أستاذ المساحة في كلية الهندسة جامعة الأزهر ورئيس لجنة ضبط التقاويم في هيئةالمساحة المصرية أن أغلب أساليب حساب رؤية ضوء الفجر الصادق قد تؤدي إلى نتائج مضلِّلة، ومن المتقدمين ممن قال بقول الفلكيين المعاصرين في استحالةضبط إمكانية رؤية الفجر الصادق بالحساب شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول: في كتاب الرد على المنطقيين ص266 إلى 267

"وأماتقدير حصة الفجر بأمر محدود من حركة الفلك مُساوٍ لحِصة العشاء كما فعله طائفة من الْمُوَقِّتِين فغلِطوا في ذلك كما غلِط من قدَّر قوس الرُّؤية تقديراً مطلقاً وذلك لأن الفجر نور الشمس وهو شُعاعها المنعكس الذي يكون من الهواء والأرض وهذا يختلف باختلاف مَطَارِحِه التي ينعكس عليها فإذا كان الجو صافياً من الغيوم لم يظهر فيه النور كما يظهر إذا كان فيه بُخارفإن البخار لغِلَظِه وكثافته ينعكس عليه الشعاع ما لا ينعكس على الهواءالرقيق ألا ترى أن الشمس إذا طلعت إنما يظهر شُعاعها على الأرض والجبال ونحو ذلك من الأجسام الكثيفة وإن كانت صقيلةً كالمِرآة والماء كان أظهروأما الهواء فإنه وإن استنار بها فإن الشعاع لا يقف فيه بل يخرِقه إلى أن يصل إلى جسمٍ كثيف فينعكس ففي الشتاء تكون الأبخرة في الليل كثيرة لكثرة ما يتصعَّد من الأرض بسبب رطوبتها ولا يحلل البخار فيها فينعكس الشعاع عليه فيظهر الفجر حينئذ قبل ما يظهر لو لم يكن بخار وأما الصيف فإن الشمسبالنهار تحلل البخار فإذا غربت الشمس لم يكن للشعاع التابع لها بخار يرده فتطول في الصيف حصة العشاء بهذا السبب وتطول في الشتاء حصة الفجر بهذا السبب وفي الصيف تقصر حصة الفجر لتأخر ظهور الشعاع إذ لا بخار يرده لأن الرطوبات في الصيف قليلة وتقصر حصة العشاء في نهار الشتاء لكثرة الأبخرة في الشتاء فحاصله أن كلا من الحصتين تتبع ما قبلها في الطول والقصر بسبب البخار لا بسبب فلكي والذين ظنوا أن ذلك يكون عن حركة الفلك قدروه بذلك فغلِطوا في تقديرهم وصاروا يقولون حصة الفجر في الشتاء أقصر منها في الصيف وحصة العشاء في الصيف أقصر منها في الشتاء فإن هذه جزء من الليل وهذه جزء من النهار فتتبعه في قدره ولم يعرفوا الفرق بين طلوع الشمس وغروبها وبين طلوع شعاعها فإن الشمس تتحرك في الفلك فحركتها تابعة للفلك والشعاع هوبحسب ما يحمله وينعكس عليه من الهواء والأبخرة وهذا أمر له سبب أرضي ليس مثل حركة الفلك ولهذا كان ما قالوه بالقياس الفاسد أمراً يخالف الحسويُعرف كذب ما قالوه باتفاق طوائف بني آدم فالذي يعلم بالحس والعقل الصريح لا يخالفه شرع ولا عقل ولا حس فإن الأدلة الصادقة لا تتعارض مدلولاتها ولكن ما يقال بقياس فاسد وظن فاسد يقع فيه الاختلاف اهـ.

مما سبق يمكننا أن نستنج أن الواجب على المكلف هو التعرف على ضوء الفجرالصادق وهو الأبيض المستطير في الأفق، وأن التعرف عليه يكون بالبصروالرؤية العينية، وأن حساب إمكانية رؤيته لا يمكن ضبطه، وعليه فإنهلايجوز اعتبار تلك التقاويم والروزنامات محكا في معرفة الأوقات بحيث تقدس حساباتها على حساب الرؤية ..

ولكن يسوغ جعلها مَظِنَّة لأقرب الأوقات للصلوات، كما يسوغ الاحتياط فيها دخولا وخروجا ...

واعتبار غلبة الظن في دخول الوقت دون اليقين أجازه جمع من العلماء، قال ابن رجب في فتح الباري عند ذكر من تأول قوله صلى الله عليه وسلم: (أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)."ومنهم من قال: أمروا أن لا يدخلوا في صلاة الفجر حتى يتيقنوا طلوع الفجر، وقيل لهم: هو أفضل من الصلاة بغلبة الظن بدخوله. وهذا جواب من يقول بجواز الدخول في الصلاة إذا غلب على الظن دخول وقتها من أصحابنا كالقاضي أبي يعلي وغيره، وأكثر أصحاب الشافعي، وحملوا حديث ابن مسعود في تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة يوم النحر بالمزدلفة على أنه صلاها يومئذ بغلبة ظن دخول الوقت.

وكلام أحمد يدل على أنه لا يدخل في الصلاة حتى يتيقن دخول وقتها كما سبق".أهـ كلام ابن رجب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير