ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[22 - 02 - 09, 01:57 م]ـ
ـ قول الشيخ رحمه الله تعالى: والصَّواب في هذه المسائل كلِّها: أنه لا يُكره؛ لأن الكراهة حكمٌ شرعيٌّ يفتقر إِلى دليل، وكيف نقول لعباد الله: إنهُ يكره لكم أن تستعملوا هذا الماء. وليس عندنا دليلٌ من الشَّرع.
ولذلك يجب أن نعرف أن منع العباد مما لم يدلَّ الشرعُ على منعه كالتَّرخيص لهم فيما دَلَّ الشَّرع على منعه؛ لأن الله جعلهما سواء فقال: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل: 116]، بل قد يقول قائل: إن تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام؛ لأن الأصلَ الحِلُّ، والله عزّ وجل يحبُّ التَّيسير لعباده. اهـ.
ـ هنا بحث: إذا سرد الشيخ قولا وصدره بقوله قد يقول قائل فهل لناسبٍ أن ينسِبَ للشيخ ذاك القول من جهة أن الشيخ أقرَّه وأمرَّه؟.
ـ قبل الذهاب إلى هذا الصنيع لابدَّ من استقراء كلام الشيخ في مختلف كتبه وأشرطته المفرغة لعله ساقه في موضع على طريقة قد يقول قائل وفي موضع آخر ينسبهُ هو لنفسه.
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[22 - 02 - 09, 01:58 م]ـ
ـ قال الشيخ رحمه الله تعالى: قوله: «وإن بلغ قُلتين»، الضَّمير يعود على الماء الطَّهور.
والقُلَّتان: تثنية قُلَّة. والقُلَّة مشهورة عند العرب، قيل: إنها تَسَعُ قِربتين ونصفاً تقريباً.
قوله: «وهو الكثير»، جملة معترضة بين فعل الشَّرط وجوابه.
أي: إِن القُلَّتين هما الكثير بحسب اصطلاح الفقهاء، فالكثير من الماء في عرف الفقهاء رحمهم الله ما بلغ القُلَّتين، واليسير: ما دون القُلَّتين. اهـ.
ـ فيه بحثين:
ـ الأول: هل للشيخ ابن عثيمين اصطلاح خاص في إطلاق لفظة الفقهاء فهل يقصد مطلق الفقهاء أم فقهاء مخصوصين؟
أم يُقال: لا نعطي هنا حكما عاما بل يُفَسَّرُ كلام الشيخ بحسب كل موضع مع استقراء أقوال الفقهاء في كل جزئية.
ـ الثَّاني: قوله رحمه الله: أي: إِن القُلَّتين هما الكثير بحسب اصطلاح الفقهاء، فالكثير من الماء في عرف الفقهاء رحمهم الله ما بلغ القُلَّتين، واليسير: ما دون القُلَّتين. اهـ. كذا أطلق رحمه الله تعالى. مع أن من الفقهاء من لا يعتبر القلتين فعند بعضهم الكثير هو الذي إذا حرّكت طرفه لم يتحرك طرفه الآخر.
ـ لذا قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي في شرح الزاد: كلمة: (وهو الكثير) اصطلاحية، بمعنى: أنها ستمر عليك في ثنايا كلام الفقهاء وفتاويهم، فإن قال العالم: يجوز ذلك في الماء الكثير، ولا يجوز في القليل، يؤثر في الكثير ولا يؤثر في القليل، أو العكس، فعندهم أن الكثير هو الذي بلغ قلتين، بناء على مذهب من يقول بصحة هذا الحديث والعمل به، وسنبين مسألة القلتين -إن شاء الله- في موضعها. اهـ.
ـ نعم قد يقول قائل لعل الشيخ يقصد فقهاء مخصوصين وهم الحنابلة. فتكون (ال) في لفظة الفقهاء للعهد الذهني. أي فقهاء الحنابلة.
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[22 - 02 - 09, 02:01 م]ـ
ـ قول الشيخ رحمه الله تعالى: وأما حديث القُلَّتين فقد اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه. فمن قال: إِنه ضعيف فلا معارضة بينه وبين حديث: «إن الماء طَهُور لا ينجِّسه شيء»؛ لأن الضَّعيف لا تقوم به حُجَّة.
وعلى القول بأنه صحيح فيقال: إِن له منطوقاً ومفهوماً. فمنطوقه: إذا بلغ الماء قُلتين لم ينجس، وليس هذا على عمومه؛ لأنه يُستثنى منه إِذا تغير بالنَّجاسة فإِنه يكون نجساً بالإِجماع.
ومفهومه أن ما دون القُلّتين ينجس، فيقال: ينجس إِذا تغيَّر بالنَّجاسة؛ لأن منطوق حديث: «إن الماء طهور لا يُنَجِّسُه شيء» مقدَّم على هذا المفهوم، إِذ إِنَّ المفهوم يصدق بصورة واحدة، وهي هنا صادقة فيما إِذا تغيَّر. اهـ.
ـ قوله: إِذ إِنَّ المفهوم يصدق بصورة واحدة، وهي هنا صادقة فيما إِذا تغيَّر. اهـ.
ـ قلتُ: هذا الكلام هو معنى قولهم المفهوم لا عموم له وهي خلافية أصولية. وماذهب إليه الشيخ من أن المفهوم لا عموم له هو اختيار شيخ الاسلام أبي العباس ابن تيمية وغيره. رحمهم الله تعالى.
¥