ـ ظاهر كلام المُوفَّق أن احتجاج الإمام أحمد بهذا الحديث تصحيح منه له. فيكون بهذا معارضا لما نقله الميموني عن أحمد. فهل يُقال: المُثبِتُ مُقَدَّم على النافي أم أنَّ للإمام قولين. لايُدرى المُتقدِّم من المتأخر منهما؟. محل بحث.
ـ وهل يُستفاد من كلام ابن قدامة أن الإمام أحمد احتج بحديث عبد الله بن سرجس الذي فيه نهي المرأة عن التطهر بفضل الرجل؟
ـ في مسائل عبد الله بن الإمام أحمد لأبيه ص [المكتب الاسلامي] 7: باب الرجل يتوضأ بفضل وضوء المرأة: سمعت أبي يقول لا بأس أن تتوضأ – يعني المرأة وهو يراها- مالم تخلوا به على حديث ابن سرجس. انتهى.
ـ نقل تحقيق ابن عبد الهادي في
ـ قولهم أن النهي اختص به الرجل:
ـ وهذا الإشكال مبني على قضية: هل احتجاج العالم بحديث ما يُعَدُّ تصحيحا منه لهذا الحديث؟
ـ قال ابن قدامة في المغني: وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَا أَصْلَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَمَا احْتَجَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِحَدِيثِ عُمَرَ وَتَرَكُوهُ، فَإِنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ أَنْ يُحْتَجّ بِهِ ... اهـ. ـ وقال شيخ الاسلام كما في المجموع: وَأَمَّا مَعْمَرٌ فَاضْطَرَبَ فِيهِ فِي سَنَدِهِ وَلَفْظِهِ فَرَوَاهُ تَارَةً عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ فِيهِ {وَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ}. وَقِيلَ عَنْهُ: {وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ} وَاضْطُرِبَ عَلَى مَعْمَرٍ فِيهِ وَظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ حَدِيثَ مَعْمَرٍ مَحْفُوظٌ فَعَمِلُوا بِهِ وَمِمَّنْ يُثْبِتُهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذهلي فِيمَا جَمَعَهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ. وَكَذَلِكَ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَد لَمَّا أَفْتَى بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْجَامِدِ وَالْمَائِعِ وَكَانَ أَحْمَد يَحْتَجُّ أَحْيَانًا بِأَحَادِيثَ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ كَاحْتِجَاجِهِ بِقَوْلِهِ: {لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ} ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَعْلُولٌ فَاسْتَدَلَّ بِغَيْرِهِ. وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَعَلَّلُوا حَدِيثَ مَعْمَرٍ وَبَيَّنُوا غَلَطَهُ وَالصَّوَابُ مَعَهُمْ ... انتهى.
ـ وللبحث تتمة لكني آثرت وضعه هما لتعم الفائدة. والله أعلم.
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[22 - 02 - 09, 02:03 م]ـ
ـ قال الشيخ في الممتع: قوله: «أو رُفِع بقليله حدثٌ»، أي: بقليل الماء ـ وهو ما دون القُلَّتين ـ حَدَثٌ، سواء كان الحَدَث لكلِّ الأعضاء أو بعضها، مثال ذلك: رجل عنده قِدْرٌ فيه ماء دون القُلَّتين، فأراد أن يتوضَّأ فغسل كَفَّيه بعد أن غرف منه، ثم غرف أُخرى فغسل وجهه، فإِلى الآن لم يصرِ الماء طاهراً غير مطهِّر، ثم غمس ذراعه فيه، ونوى بذلك الغمس رفع الحَدَث فنزع يده، فالآن ارتفع الحدث عن اليد، فصدق أنه رُفِعَ بقليله حَدَثٌ فصار طاهراً غير مطِّهر. وليس لهذا دليل، ولكن تعليل؛ وهو أنَّ هذا الماء استُعمل في طهارة فلا يُستعمل فيها مرَّة أخرى، كالعبد إِذا أُعتق فلا يُعتق مرَّة أخرى. وهذا التَّعليل عليل من وجهين:
الأول: وجود الفرق بين الأصل والفرع؛ لأن الأصل المقيس عليه وهو الرَّقيق المحرَّر لمَّا حرَّرناه لم يبقَ رقيقاً، وهذا الماء لمّا رُفِع بقليله حدثٌ بقي ماء فلا يصحّ القياس.
الثاني: أن الرَّقيق يمكن أن يعود إِلى رِقِّهِ، فيما لو هرب إِلى الكُفَّار ثم استولينا عليه فيما بعد؛ فإن لنا أن نسترقَّه، وحينئذٍ يعود إليه وصف الرِقِّ، ثم يصحُّ أن يحرَّر مرَّة ثانية في كفَّارة واجبة. اهـ.
ـ الشاهد من الكلام قوله: وليس لهذا دليل، ولكن تعليل ... اهـ. فالباحث في المغني لابن قدامة يجد أن لهم دليلا أثريا وإن كان عند المحاققة ضعيفا من جهة الاستدلال.
ـ قال في المغني: إذَا ثَبَتَ هَذَا فَالدَّلِيلُ عَلَى خُرُوجِهِ [يقصد الماء المستعمل] عَنْ الطَّهُورِيَّةِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ، مَنَعَ مِنْ الْغُسْلِ فِيهِ كَمَنْعِهِ مِنْ الْبَوْلِ فِيهِ، فَلَوْلَا أَنَّهُ يُفِيدُهُ مَنْعًا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ أُزِيلَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ فِي طَهَارَةٍ أُخْرَى، كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ.اهـ.
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[22 - 02 - 09, 02:04 م]ـ
ـ وقول الشيخ رحمه الله تعالى: الأول: وجود الفرق بين الأصل والفرع؛ لأن الأصل المقيس عليه وهو الرَّقيق المحرَّر لمَّا حرَّرناه لم يبقَ رقيقاً، وهذا الماء لمّا رُفِع بقليله حدثٌ بقي ماء فلا يصحّ القياس. انتهى. يُؤيِّده قول القاضي ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: وَإِنَّمَا تَنْبَنِي مَسْأَلَةُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْآلَةَ إذَا أُدِّيَ بِهَا فَرْضٌ، هَلْ يُؤَدَّى بِهَا فَرْضٌ آخَرُ أَمْ لَا؟ فَمَنَعَ ذَلِكَ الْمُخَالِفَ قِيَاسًا عَلَى الرَّقَبَةِ، إنَّهُ إذَا أُدِّيَ بِهَا فَرْضُ عِتْقٍ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَتَكَرَّرَ فِي أَدَاءِ فَرْضٍ آخَرَ، وَهَذَا بَاطِلٌ مِنْ الْقَوْلِ، فَإِنَّ الْعِتْقَ إذَا أَتَى عَلَى الرِّقِّ أَتْلَفَهُ، فَلَا يَبْقَى مَحَلٌّ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ بِعِتْقٍ آخَرَ.وَنَظِيرُهُ مِنْ الْمَاءِ مَا تَلِفَ عَلَى الْأَعْضَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَدَّى بِهِ فَرْضٌ آخَرُ لِتَلَفِ عَيْنِهِ حِسًّا، كَمَا تَلِفَ الرِّقُّ فِي الرَّقَبَةِ بِالْعِتْقِ الْأَوَّلِ حُكْمًا، وَهَذَا نَفِيسٌ فَتَأَمَّلُوهُ.انتهى.
¥