الحديث (1006، 2/ 697)
ذِكْرُ أن الصدقة سبب في دخول الجنة
عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة" أخرجه البخاري في صحيحه، (5/ 180).
" المنيحة " أن يعطيه إياها ليشرب لبنها ثم يردها إليه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللّهِ ه?ذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ. وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ. وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ" أخرجه مسلم في صحيحه. كتاب الزكاة، باب من جمع الصدقة وأعمال البر، رقم الحديث (1027، 2/ 711).
قال أبو بكر الصديق-رضي الله عنه- ما على أحد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال رسول الله نعم وأرجو أن تكون منهم.
ذِكْرُ دعاء الملك للمنفق بالخلف وللمسك بالتلف
عن أَبي هُريرةَ -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما مِن يومٍ يُصبحُ العِبادُ فيه إِلاَّ مَلَكانِ يَنزِلانِ فيقولُ أحدُهما: اللَّهمَّ أعطِ مُنفِقاً خَلَفا، ويَقولُ الآخَرُ: اللّهمَّ أعطِ مُمسِكاً تلَفاً" أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب الزكاة، باب قوله تعالى: "فأما من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى فسنسيره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى"، رقم الحديث (1374، 2/ 522).
(خلفاً): بفتح اللام أي عوضاً، يقال: ((أخلف الله عليك خلفاً)) أي عوضاً أي أبدلك بما ذهب منك. (عمدة القاريء 8/ 307).
(أعط ممسكاً تلفاً): أي لماله حساً أو معنى، وفي إيراده بلفظ الإعطاء مشاكلة: (مرقاة المفاتيح 4/ 366).
ففي هذا الحديث الشريف أخبر النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- أنّ ملَكاً يدعو كل يوم للمنفق بأن يعطيه خَلفَاً والمراد به – كما يقول الملاَّ علي القاريء – أي عوضاً، وهو العوض الصالح، أو عوضاً في الدنيا وبدلاً في العقبى.
ذِكْرُ إنشراح صدر المؤمن المتصدق وإنفساح قلبه
عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- قال: قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَثَلُ البَخيلِ والمُتصدِّقِ كمثَلِ رجُلينِ عليهما جُبَّتانِ من حديد" أخرجه البخاري في صحيحه. كتاب الزكاة، باب مثل المتصدق والبخيل، رقم الحديث (1375، 2/ 523).
وعن عبد الرحمنِ حدَّثَهُ أنهُ سمعَ أبا هريرةَ -رضي الله عنه- أنَّهُ سمعَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ:"مثَلُ البَخيلِ والمُنفِقِ كمثَلِ رجُلينِ عليهما جبتانِ من حديدٍ من ثُديهما إلى تراقِيهما. فأمّا المُنفِقُ فلا يُنفِقُ إلا سَبَغَتْ ـ أو وَفَرَتْ ـ على جلدهِ حتَّى تُخْفِيَ بَنانَهُ وتَعفُو أثرَه. وأمّا البخيلُ فلا يُريدُ أن يُنفِقَ شيئاً إلاّ لَزِقَتْ كلُّ حَلْقةٍ مَكانَها، فهوَ يُوسِّعُها ولاتَّتسِعُ" تم تخريجه في الحديث السابق.
قال الخطابي: وهذا مثل ضربه النبي -صلى الله عليه وسلم- للبخيل والمتصدق، فشبههما برجلين أراد كل واحد منهما لبس درع يستتر به من سلاح عدوه، فصبها على رأسه ليلبسها، والدرع أول مايقع على الرأس إلى الثديين إلى أن يدخل الإنسان يديه في كميهما فجعل المنفق كمن لبس درعاً سابغة، فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه، وجعل البخيل كمثل رجل غلت يداه إلى عنقه، فكلما أراد لبسها اجتمعت إلى عنقه، فلزقت ترقوته، والمراد أن الجواد إذا هم بالصدقة انفسح وانشرح لها صدره، وطابت نفسه، وتوسعت في الإنفاق، والبخيل إذا حدثها بها، شحت بها، فضاق صدره، وانقبضت يداه. (زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، 2/ 26).
ذِكْرُ الترغيب في الصدقة
¥