تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بخلاف من كان جاهلاً بذلك، أو جاحداً له، مستكبراً على ربه، لا يُقر ولا يخضع له، مع علمه بأن الله ربه وخالقه، فالمعرفة بالحق إذا كان مع الاستكبار عن قبوله والجحد له كان عذاباً على صاحبه؛ كما قال –تعالى-: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (14) سورة النمل. وقال –تعالى-: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (146) سورة البقرة. وقال –تعالى-: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ} (33) سورة الأنعام. فإذا عرف العبد أن الله ربه وخالقه، وأنه مفتقر إليه محتاج إليه، عرف العبودية المتعلقة بربوبية الله) أ. هـ من كتاب العبودية لشيخ الإسلام ص47.

اتصاف الأنبياء بالعبادة ودعوتهم إليها:-

ووهذه العبودية هي عبودية الطاعة والانقياد وخير من اتصف بها من الناس الأنبياء عليهم السلام، فكلهم اتصف بها ووصفهم الله بها ودعوا إليها وحققها:

1.آدم عليه السلام: أبو البشر، وهو أول من حقق ذلك، حيث خلق الله آدم عليه السلام وذريته لعبادته، ومن عبادته لجوؤه إلى الله بعدما أزله الشيطان وزوجته، حيث قال الله عنه: {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (23) سورة الأعراف. فالدعاء والتوبة من أنواع العبادة وأجلها ... والأنبياء جميعاً كانت لهم عبادات يتقربون بها إلى الله من صلاة وصيام، كما قال تعالى في الصوم أنه كان مكتوباً على الذين من قبلنا، فدخل فيهم آدم وبنيه عليهم السلام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة.

2.نوح عليه السلام:

وقد دعا نوح عليه السلام قومه إلى عبادة الله حيث جاء في كثير من آيات القرآن قوله –تعالى-: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (59) سورة الأعراف, وكذا قوله في سورة نوح: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} ودعا ذريته بأصل العبادة وهي كلمة التوحيد، فعن سليمان بن يسار رضي الله عنه عن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال نوح لابنه إني موصيك بوصية وقاصرها لكي لا تنساها أوصيك باثنتين وأنهاك عن اثنتين أما اللتان أوصيك بهما فيستبشر الله بهما وصالح خلقه وهما يكثران الولوج على الله أوصيك بلا إله إلا الله فإن السموات والأرض لو كانتا حلقة قصمتهما ولو كانتا في كفة وزنتهما وأوصيك بسبحان الله وبحمده فإنهما صلاة الخلق وبهما يرزق الخلق وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا وأما اللتان أنهاك عنهما فيحتجب الله منهما وصالح خلقه أنهاك عن الشرك والكبر رواه النسائي واللفظ له والبزار والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو وقال الحاكم صحيح الإسناد 1.

ولقد ذكر الله تعالى منتّه على أنبياءه بالعبودية وأنها من أجل نعمه على هؤلاء الانبياء -عليهم السلام- بعد أن عدد صفات من اجتباهم من الأنبياء مادحاً لهم فقال بعد ذلك: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا*} (58) سورة مريم. فهؤلاء المشار إليهم ومن حققوا تلك العبادات،في أجل نعمة أنعمها الله عليهم، وقد جمع الله بين ذكر الذرية وخصِ نوح بالعبودية وبالشكر في قوله: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} (3) سورة الإسراء.

ومما زادني شرفا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير