ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[12 - 12 - 07, 03:12 ص]ـ
ولكنه ليس صريحاً في الإيجاب .. بينما يدل على السنية المؤكدة أدلة متكاثرة
ـ[خالد بن محمد الحربي]ــــــــ[13 - 12 - 07, 09:04 م]ـ
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله في كتابه (أحكام الاضحية والذكاة)
وأما إجماع المسلمين على مشروعية الأضحية فقد نقله غير واحد من أهل العلم.
قال في ((في المغني)): أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية. وجاء في ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)): ولا خلاف في كونها من شرائع الدين.
وبعد إجماعهم على مشروعية الأضحية اختلفوا: أواجبة هي أم سنة مؤكدة؟ على قولين:
القول الأول: أنها واجبة، وهو قول الأوزاعي، والليث، ومذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، قال شيخ الإسلام: وهو أحد القولين في مذهب مالك، أو ظاهر مذهب مالك.
القول الثاني: أنها سنة مؤكدة، وهو قول الجمهور، ومذهب الشافعي، ومالك، وأحمد في المشهور عنهما، لكن صرح كثير من أرباب هذا القول بأن تركها يكره للقادر، ذكره أصحابنا، نص الإمام أحمد وقطع به في الإقناع، وذكر في ((جواهر الإكليل شرح مختصر خليل)). أنها إذا تركها أهل بلد قوتلوا عليها؛ لأنها من شعائر الإسلام.
أدلة القائلين بالوجوب: الدليل الأول: قوله ـ تعالى ـ: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر:2) فأمر بالنحر، والأصل في الأمر الوجوب.
الدليل الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: ((من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا)) رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم من حديث أبي هريرة. (7)
قال في ((فتح الباري)) ورجاله ثقات.
الدليل الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة: ((يا أيها الناس، إن على أهل كل بيت أضحية في كل عام وعتيرة)).
قال في ((الفتح)): أخرجه أحمد والأربعة بسند قوي (8).
الدليل الرابع: قوله صلى الله عليه وسلم ((من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله)) متفق عليه (9).
هذه أدلة القائلين بالوجوب، وقد أجاب عنها القائلون بعدم الوجوب واحداً واحداً.
فأجابوا عن الدليل الأول: بأنه لا يتعين أن يكون المراد بها نحر القربان، فقد قيل: إن المراد بها وضع اليدين تحت النحر عند القيام في الصلاة، وهذا القول وإن كان ضعيفا لكن مع الاحتمال قد يمتنع الاستدلال.
وإذا قلنا: إن المراد بها نحر القربان كما هو ظاهر القرآن، فإنه لا يتعين أن يكون المراد بها فعل النحر، فقد قيل: إن المراد بها تخصيص النحر لله تعالى وإخلاصه له، وهذا واجب بلا شك ولا نزاع.
وإذا قلنا: المراد بها فعل النحر كما هو ظاهر الآية؛ فهو أمر مطلق يحصل امتثاله بفعل ما ينحر تقربا إلى الله تعالى من أضحية، أو هدي، أو عقيقة ولو مرة واحدة، فلا يتعين أن يكون المراد به الأضحية كل عام.
وهذا تقرير جوابهم عن الآية، وعندي أنه إذا صح الدليل الثالث؛ صار مبينا للآية، وصارت حجة على الوجوب. والله أعلم.
وقد يقال: إن وجوب النحر الذي تدل عليه هذه الآية خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم شكرا منه لربه على ما أعطاه من الخير الكثير الذي لم يعطه أحد غيره؛ بدليل ترتيبه عليه بالفاء، وبدليل ما يأتي في الدليل الأول للقائلين بعدم الوجوب.
وأجابوا عن الدليل الثاني: بأن الراجح أنه موقوف، ولعل أبا هريرة قاله حين كان والياً على المدينة، قال في ((بلوغ المرام)): رجح الأئمة وقفه، اه. لكن قال في ((الدراية)): إن الذي رفعه ثقة.
قلت: وإذا كان الذي رفعه ثقة؛ فالمشهور عند المحدثين أنه إذا تعارض الوقف والرفع، وكان الرافع ثقة فالحكم للرفع؛ لأنه زيادة من ثقة مقبولة، لكن قال في ((الفتح)): إنه ليس صريحا في الإيجاب.
قلت: هو ليس بصريح في الإيجاب، إذ يحتمل أن منعه من المسجد، وحرمانه من حضور الصلاة ودعوة المسلمين عقوبة له على ترك هذه الشعيرة، وإن لم تكن واجبة، لكن من أجل تأكدها، لكن هو ظاهر في الإيجاب، ولا يلزم في إثبات الحكم أن يكون الدليل صريحا في الدلالة عليه، بل يكفي الظاهر إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه.
¥