تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

1 - مبتدأ (نكرة موصوفة)، وقد ورد في (21 إحدى وعشرين موضعا) والوصف أحد المسوغات المبيحة للابتداء بالنكرة.

2 - مبتدأ (معرف بال)، وقد ورد في (14 أربعة عشر موضعا).

3 - مبتدأ (معرف بالإضافة)، وقد ورد في (6 ستة مواضع).

أي أن المبتدأ (المؤخر) في هذه المواضع كان حقه التقديم، وكان حق الخبر أن يكون (فاصلة) مؤخرة كما يقتضي التركيب النحوي ذلك، لكن ذلك لم يحدث!!

إن القول بأن غاية هذا التقديم هو الحفاظ على (التشاكل الصوتي) المتولد عن بناء الفواصل على حرف أو حروف متماثلة (صوتياً) أو قريبة التماثل، أمر لا يتضح هنا في كل مواضع " التقديم والتأخير " في الفاصلة القرآنية. فمثلا الآية رقم (4) من سورة (ق) قال تعالى: ?وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ? مكونة من (خبر شبه جملة مقدم + مبتدأ نكرة موصوفة مؤخر). وحق المبتدأ هنا (التقديم) لوجود ما يسوغ له هذا التقديم وهو (الوصف). والفاصلة هنا هي كلمة (حفيظ) مبنية على حرف (الظاء) فهل نحكم للفاصلة بأنها متماثلة (صوتيا) مع بقية الفواصل في السورة؟! والإجابة أن فواصل سورة (ق) جاءت على (7 سبع أحرف) توزعت على آيات السورة البالغ عددها (خمس وأربعين آية) كما يلي:

م الحرف عدد مرات الورود

1 الباء 7

2 الجيم 5

3 الدال 27 بنسبة (60 %)

4 الراء 2

5 الصاد 1

6 الطاء 1

7 الظاء 2

جدول رقم (3)

إذ أغلب فواصل السورة مبني على حرف (الدال)، والفاصلة التي بين أيدينا مبنية على حرف (الظاء) وليس بينهما أي تقارب في المخرج. إذ أمر المشاكلة الصوتية غير وارد في هذه الآية. فالتقديم هنا بلاغي محض وليس نحويا أيضا لكسره التقرير النحوي المسوغ للابتداء بالنكرة إذا وصفت. فالتقديم هنا (للخبر) والتأخير (للمبتدأ) على إرادة إثبات (طلاقة قدرة الخالق) وليس (الاختصاص)، فالسياق يدور على إنكار البعث من جانب الكفار وتحدثهم بأن الأرض (تبلع) فقط، فهو الفناء المحض، فكان الرد الإلهي بأن الذي خلق أولا يسهل عليه الخلق مرة ثانية، كما أن (طلاقة القدرة) تتمثل في معرفة المقدار الذي تأخذه الأرض من أجسادهم، لأن كل هذا (عندنا) فقط في (كتاب حفيظ). ونفي التقديم للاختصاص هنا أمر حتمي، لأن إرادة الاختصاص تقتضي الظن بمحاولات الاشتراك، وهذا الموضع لا اشتراك فيه، فلذا ينتفي هذا الغرض هنا.

ولو تتبعنا كل مواضع التقديم والتأخير (الاسمي) في الفاصلة القرآنية لكان لكل فاصلة خصوصية ذاتية بها في مقامها الذي ثبت فيه وتمكنت، هذه الخصوصية تنبع من أداءات المفردات المكونة لتركيب جملة الفاصلة، وتضافرها معا للوصول إلى قمة الأداء عند الفاصلة.

ولنأخذ مثالا آخر، الآية رقم (4) من سورة الممتحنة قال تعالى: ? وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ? مبنية على الهيكل التركيبي التالي: (خبر شبه جملة مقدم + مبتدأ مؤخر). وتأخير المبتدأ هنا على خلاف القياس النحوي الذي يحكم للمبتدأ المعرفة بالتقديم، وعليه كان لابد في - غير القرآن – أن يكون شكل الجملة: (والمصير إليك). لكننا هنا نكون إزاء نفور جمالي في الأداء الصوتي المؤدي إلى الجمال الايقاعي (للمتلقي). فلو كان بناء الفاصلة على (الخبر) أي على حرف الكاف في (إليك) لما أحسسنا بالجمال الأدائي لهذه الآية. إن التقديم هنا حقق أمرين هما:

1 - المشاكلة الصوتية لتقارب حرف (الراء) من مخرج حرف (الباء) الذي بنيت عليه فواصل السورة.

2 - الاختصاص المنتج من تقديم الخبر (إليك) على المبتدأ (المصير)، فالسياق يقتضي الإقرار باختصاص المولى – عز وجل – وحده بأن المآل إليه، ونهاية المطاف لديه. ويستفاد ذلك من سياق الدعاء قبل الفاصلة ? رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ? فالدعاء في الآية مبني على تقديم (شبه جملة) كوحدة دلالية مستقلة، على (المتعلق به)، حتى إذا ما وصلنا إلى موضع الفاصلة قدم (شبه الجملة) على المبتدأ اطرادا على ما سبق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير