تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا الرأي ارتآه أبو حيان هو خلاصة رأي أغلب النحويين و المفسرين (). وعليه فإن بناء (الفاصلة) القرآنية يخضع لقوانين نحوية وصرفية وصوتية وبلاغية تتضافر معا لتشكل منظومة الفاصلة في تقاطعات سياقاتها مع سياقات مبحث " التقديم والتأخير ".

أما شكل (الفاصلة) في سياق تقديم (خبر إن) على (اسمها) فقد ورد ممثلا في (19 تسعة عشر موضعا) في (حزب المفصل). هذه السياقات هي في جوهر أمرها سياقات لتقديم الخبر على المبتدأ، لابسها دخول الحروف النواسخ عليها. فمثلا قوله تعالى: ? إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ? سورة الغاشية الآيتان رقم (25، 26). فهاتان الآيتان وردتا على هيكلة تركيبية واحدة تتمثل في: (حرف ناسخ + خبر إن شبه جملة (جار ومجرور) مقدم + اسم إن معرفة مؤخر). وسبب تقديم (الخبر) هنا على غير القياس، لأن المبتدأ معرفة مستحق للتقديم، وتأخيره على غير قياس. وأصل الكلام - ‍‍‍‍‍‍في غير القرآن - (إن إيابهم إلينا ثم إن حسابهم علينا).

ولن نحكم هنا على التأخير لـ (اسم إن) بأنه مراعاة للتشاكل الصوتي للفاصلة، فهذا لا يمكن لكون الفاصلة في الآيتين على حرف (الميم)، وأغلب فواصل السورة على (تاء التأنيث المتحركة) والتي وردت في (14 أربع عشر آية) من جملة (25 خمس وعشرين آية) هي جملة الآيات في السورة. ولو تقدم (اسم إن) إلى مكانه المحكوم به نحويا، لكانت الفاصلة (خبر إن) على حرف واحد هو حرف (النون ملابساً ألف المد). فالتشاكل الصوتي للفاصلة لا مقام له هنا، بل إن تقديم (خبر إن) على غرض الاختصاص لكون المحكوم به هنا (البعث والحساب) مما لا سبيل لأحد إليه، فهو بيد المولى – عز وجل – وحده.

ويلاحظ أن جميع المواضع التي تقدم فيها (خبر إن) كان (شبه جملة؛ جار ومجرور) وهذا - وفق تقرير النحويين - مسوغ لتقديم (خبر إن). أما (اسم إن) فكان على ثلاثة أحوال:

1 - نكرة مجردة، وقد وردت في (6 ستة مواضع).

2 - نكرة موصوفة، وقد وردت ممثلة في (موضعين فقط).

3 - معرفة، وقد وردت ممثلة في (11 أحد عشر موضعاً).

معنى ذلك أن استحقاق (اسم إن) للتأخر لا يتمثل إلا في (6 ستة مواضع) أما تأخره على غير القياس في (13 ثلاثة عشر موضعا) وما كان ذلك إلا لأغراض بلاغية مستقاة من وراء هذا التوظيف لهيكل جملة (إن واسمها وخبرها) أو بالهيكل الفرعي (إن + خبرها + اسمها)، بالإضافة إلى وضع المناسبة والمشاكلة الصوتية للفاصلة في الحسبان في الكثير من الآيات مثلما نجد في:

1 - قوله تعالى: ? وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى? سورة النجم آية رقم (13).

2 - قوله تعالى: ? وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى? سورة النجم آية رقم (42).

3 - قوله تعالى: ? وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةُ الأُخْرَى? سورة النجم آية رقم (47).

4 - قوله تعالى: ? وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ? سورة القلم آية رقم (3).

5 - قوله تعالى: ? إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى? سورة الليل آية رقم (12).

فهذه الآيات رُوعِيَ فيها بناء الفاصلة في سياق بنائها في فواصل السورة، وذلك حتى تتوافق مع الإيقاع المتولد من بناء الفواصل على التماثل والمناسبة.

وعلى كل فإن بناء وتشكيل الفاصلة في سياقات " التقديم والتأخير " في الجملة الاسمية كان خاضعا في المقام الأول لمقررات الحكم النحوي في تفصيلات تقديم الخبر وما يتبعه، وأغراض هذا التقديم، والدلالات المستفادة من هذا التقديم تتضافر مع خصائص الفاصلة وتوظيفها في سياق هذه التفصيلات.

القسم الثاني: ما يختص بالجملة الفعلية:

تدور هيكلة الجملة الفعلية على اعتماد الفعل والفاعل ركنين أصليين لا غنى لأحدهما عن الآخر، ولا قيام للهيكلة التركيبية في الجملة الفعلية بأحدهما دون الآخر. ويتعدى الفعل إلى نصب ركن آخر هو (المفعول به) بل ويمنحه رخصا تركيبية غاية في الجمال. فيمنحه التقدم على (الفاعل) بل والتقدم على (الفعل) نفسه وفقا لمنظومة سياقية يؤديها (المفعول) في هذه التحركات. وما يعنينا هنا هو ملابسة سياقات " التقديم والتأخير " في الجملة الفعلية، لسياقات الفاصلة في هذه الجملة. ولذا فإن سياقات " التقديم والتأخير " في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير