تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتقديم الخبر على المبتدأ كقوله تعالى: ? وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ ? سورة الحشر آية رقم (2) وغير ذلك مما يجب في الصناعة النحوية.

2 - ومنه ما يدل عليه المعنى نحو قوله تعالى: ? أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ? سورة الجاثية آية رقم (23). يقول الزركشي: " أصل الكلام: (هواه إلهه) كما تقول: (اتخذ الصنم معبودا) لكن قدم المفعول الثاني على الأول للعناية، كما تقول: (علمت منطلقا زيدا) لفضل عنايتك بانطلاقه " (). ونحو قوله تعالى:? فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى? سورة الأعلى آية رقم (5). يقول الزركشي:" أي: أحوى غثاء، أي: أخضر يميل إلى السواد، والموجب لتأخير (أحوى) رعاية الفواصل " ().

هذا وقد دلل الإمام الزركشي على وجود هذا النوع بـ (46 ست وأربعين آية) مما أتاح له الفرصة لأن يدقق رأيه في ثنايا هذا التحليل، ويوضح ما في هذه الآيات من نكات التقديم.

ويتعرض الإمام السيوطي لهذا النوع من " التقديم والتأخير المعنوي" ودلل عليه بالعديد من الآيات القرآنية، نحو قوله تعالى: ? وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ? سورة النساء آية رقم (83). يقول السيوطي: " هذه الآية مقدمة ومؤخرة، إنما هي أذاعوا به إلا قليلا منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته، لم ينج قليل ولا كثير" (). ونحو قوله تعالى:? فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً ? سورة النساء آية رقم (153). يقول: " قال ابن عباس: (إنهم إذا رأوا نفسه رأوه، إنما قالوا: (جهرة أرنا الله). قال: هو مقدم ومؤخر. قال ابن جرير: (يعني أن سؤالهم كان جهرة) () " ().

تلك هي أهم إحاطات العلماء بهذا النوع من " التقديم والتأخير المعنوي ".

ثالثاً: ما قدم في آية وأخر في أخرى

ويقصد بهذا النوع ورود اللفظة (مقدمة) على كلمات أخرى في آية قرآنية، ثم ورودها مؤخرة في آية أخرى نحو قوله تعالى: ? وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى? سورة يس آية رقم (20)، وفي آية أخرى يقول تعالى: ? وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى? سورة القصص آية رقم (20). يقول الزركشي: " قدم المجرور على المرفوع لاشتمال ما قبله من سوء معاملة أصحاب القرية الرسل، وإصرارهم على تكذيبهم، فكان مظنة التتابع على مجرى العبارة تلك القرية، ويبقى مخيلاً في فكره: أكانت كلها كذلك، أم كان فيها خلاف لك، بخلاف ما في سورة القصص " ().

ويقصد بالمجرور هنا (من أقصى المدينة) على المرفوع؛ الفاعل (رجلٌ).ويقول: " من ذلك قوله في فاتحة الكتاب: (الحمد لله) () وفي خاتمة الجاثية: (فلله الحمد) () فتقديم (الحمد) في الأول جاء على الأصل، والثاني جاء على تقدير الجواب، فكأنه قيل عند وقوع الأمر: (لمن الأمر؟! ومن أهله؟) فجاء الجواب عن ذلك " (). وقد قام الإمام الزركشي في سياق هذا التناول بتحليل (12 اثنتي عشرة آية).

أما العلوي فقد تناول المسألة بالتحليل الدقيق كعادته. يقول: " قوله تعالى ? وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ? يونس (61)، وقال في آية أخرى: ? وَلاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ? سبأ (3)، والتفرقة بينهما هو أنه أراد في الثانية ذكر إحاطة علمه وشموله لكل المعلومات الجزئية والكلية، فلا جرم صدّرَ بالسماوات قبل الأرض لاشتمالها على لطائف الحكمة، وعجائب الصنعة، ومحكم التأليف، وكثرة المعلومات كما قال تعالى:? وَكَذَلِكَ نُرِيَ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ? الأنعام (75) وأما الأولى فإنها كانت مسوقةً في شأن أهل الأرض كما قال تعالى: ? وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً ? يونس (61) فقدم ذكر الأرض تنبيهاً على ذلك لما كان له اختصاص به " ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير