تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا الإتباع تحقق به التخلص من الثقل، والمناسبة للذوق، والتيسير للأداء الصوتي.

إضاءة:

ما سبق تقريره في التفاصيل الخاصة بضمير الغائب في تقاطعات سياقاته مع الأصول التي ذكرناها يمكن تجاوزه وإهماله لمطلب جمالي أو دلالي أو لغوي خاصة إذا ما عاينا ذلك موظفاً في النص القرآني. فمثلاً نقرأ قوله تعالى: ? وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ ? ()، فبحسب التقريرات السابقة فإن كلمة (عليْهُ) اتصل ضمير الغائب للمفرد المذكر بحرف جر، وقبله ياء ساكنة. ولذا كان يجب أن يتم الإتباع بكسر حركة الضمير وفقاً لحركة الياء قبلها. لكن هذا لم يتم في هذه الآية. فالقراءة الواردة عن حفص عن عاصم بضم (الهاء) دون إتباعها ().

ونلحظ في قراءات الحجازيين أن القراءة للضمير بضم الهاء على الأصل في حركتها، مع وجود الداعي إلى إتباع حركة الضمير لما قبلها، أي لوجود حركة طويلة متمثلة في (الياء) وذلك مثل قوله تعالى: (وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ) () في قراءة حفص عن عاصم بضم الهاء من غير صلة بواو (). يقول ابن خالويه: " الحجة لمن ضم، أنه أتى بلفظ الهاء على اصل ما وجب لها. والحجة لمن قرأ بكسر لمجاورة الياء. ومثله: ? وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ ? " (). ويقول في موضع آخر: " أجمع القراء على كسر الهاء لمجاورة الياء، إلاّ ما رواه حفص عن عاصم من ضمها على أصل ما يجب من حركتها بعد الساكن " (). فقد خولف الإتباع الحركي هنا مراعاة للأصل الحركي الذي ورد عليه الضمير وهو (الضم).

المظهر الثالث: ما قرره الصرفيون من إتباع حركة (العين) للفاء في صيغة جمع الإناث إذا كان المفرد لهذا الجمع اسماً ثلاثياً صحيح العين ساكنها مفتوح الفاء، فعندئذ يجب الإتباع. كما في:

- قوله تعالى: ? فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ? ().

- وقوله تعالى: ? لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى ? ().

- وقوله تعالى: ? وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ? ().

فمثلاً كلمة (حَسَرَاتٍ) التي وردت في الآية الأولى وردت على إتباع حركة العين (السين) بالفتح موافقةً للفاء المفتوحة في المفرد (حَسْرَة). فحدث هنا إتباع حركي. وعلي هذا يتم تأويل الإتباع الحركي في كلمتي (صَدَقَاتِكُم، و دَرَجَاتٍ) في الآيتين التاليتين.

إذا كان الاسم الثلاثي صحيح العين ساكنها مكسور الفاء أو مضمومها، فيجوز فيه ثلاث حالات هي:

1 - إتباع حركة العين لحركة الفاء في المفرد.

2 - الفتح للعين مطلقاً.

3 - التسكين للعين مطلقاً.

ويمكن بيان ذلك من خلال النص القرآني في قوله تعالى: ? وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ? () فكلمة الغرفات مفردها ثلاثي صحيح العين ساكنها، غير أن فاء الكلمة مضمومة (غُرْفَة)، ولذا يجوز في كلمة (الغرفات) ثلاث حالات صوتية وفقاً لقانون الإتباع كما يلي:

1 - الإتباع: (الغُرُفَات) بإتباع حركة العين (الضم) لحركة فاء المفرد المضمومة.

2 - الفتح: (الغُرَفَات) بفتح حركة عين الكلمة مخالفة لحركة فاء المفرد المضمومة، أي بلا إتباع.

3 - السكون: (الغُرْفَات) بإسكان عين الكلمة بلا إتباع حركي. وتعلي ذلك كما يرى د. أحمد عفيفي أنه " إذا كان الإتباع فيه شيء من التخفيف، لأن اللسان يعمل من جهة واحدة، فإن التسكين أخف من الإتباع، ولهذا جاز كلاهما. أما الفتح فإنه يجوز لخفته " ().

وعلى هذا التخريج يمكن تفسير ما يحدث من حالات الإتباع في: قوله تعالى: ? وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ ? ()، وقوله تعالى: ? وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ? ().

تنوير:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير