تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - (وَصَّى) و (أَوْصَى) في قوله تعالى: ? وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ? ()، وقوله تعالى: ? وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً ? ().

3 - (نَزَّلَ) و (أَنْزَلَ) في قوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ ? ()، وقوله تعالى: ? نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ? ().

4 - (نَجَّى) و (أَنْجَى) في قوله تعالى: ? وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ? ()، وقوله تعالى: ? فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ? ().

5 - (نَبَّأَ) و (أَنْبَأَ) في قوله تعالى: ? وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ? ().

ومثل هذا التوظيف لا بد من الوقوف عليه لبيان ما يحمله من شحنات دلالية وجمالية تبرز الأثر الصوتي للتنويع الصرفي في الصيغ الفعلية، وما يتبع هذا التنويع من إثراءات سياقية في الآيات القرآنية. ويجب علينا بداية التنبيه أن التعبير بصيغة (فَعَّلَ) مضعف العين إنما هو على معنى التكثير والمبالغة في القيام بالفعل، وما تقتضيه هذه المبالغة من استلزام الزمن الطويل للقيام بهذا الفعل مضاعفاً، وهذا ما لا يتوافر دلالياً في صيغة (أَفْعَلَ) التي تتوقف دلالاتها عند معنى التعدية.

كما أن التضعيف في صيغة (فَعَّلَ) لا يخلو من كونه قضية صوتية، ولذا يقول ابن عصفور الإشبيلي (ت 669 هـ): " اعلم أن التضعيف لا يخلو أن يكون من باب إدغام المتقاربين، أو من باب إدغام المتماثلين. فإن كان من باب إدغام المتقاربين فلا يلزم أن يكون أحد الحرفين زائداً وأن يكون أصلاً. وإن كان من جنس إدغام المتماثلين كان أحد المثلين زائداً، إلا أن يقوم دليل على أصالتهما " ().

ولنحاول أن نقف على مثال قرآني وظف هاتين الصيغتين الفعليتين. فمثلا قوله تعالى: ? نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ?. فقد وظف القرآن الكريم في هذه الآية (نَزَّلَ) و (أَنْزَلَ)، مع اقتران صيغة (نَزَّلَ) بالقرآن الكريم، واقتران صيغة (أَنْزَلَ) بسياق إنزال التوراة والإنجيل، فما السر الجمالي في هذا التغاير التوظيفي؟

ونقر بداية أن أهل التفسير قد نهجوا في التفريق بين الفعلين على أساس اعتماد الزيادة الصرفية كمحوّل للدلالة، فصيغة (فَعّلَ) للمبالغة والتكثير، وهذا مما يناسب القرآن الكريم الذي نزل منجماً على فترة زمنية محددة بـ (23 ثلاث وعشرين سنة)، بخلاف التوراة والإنجيل اللذين نزلا دفعة واحدة. ولذا تمت المخالفة هنا في السياق التوظيفي للفعلين على إرادة المبالغة في جانب صيغة (فَعَّلَ)، وإرادة معنى النزول فقط في صيغة (أَفْعَلَ) ().

وهذا التفسير إنما اعتمد في جوهره على المعطى الصرفي ومدلولاته فقط دون ربط هذا المعطي الصرفي بالسياقات النصية في مواقعها المختلفة. فقد عبّر القرآن الكريم عن إنزال القرآن بصيغة (أَنْزَلَ) التي لا تدل على معنى المبالغة والكثرة، وذلك في قوله تعالى: ? أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ? ()، وقوله تعالى: ? ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ? (). فكيف ندلل على أن الإنزال هنا كان دفعة واحدة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير