- قوله تعالى: ? وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ? ().
- قوله تعالى: ? كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ? ().
- قوله تعالى: ? وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ? ().
- قوله تعالى: ? وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ? ().
وقد وظفت الأسماء المنقوصة في هذه الآيات في سياق الفاصلة في مواضع منها: (الرعد (9)، و غافر (15)، و غافر (32)، والرحمن (26)، والقيامة (27)، والفجر (9)). ولعل المسوغ الأهم في هذا الحذف الذي تم في هذه الآيات رعاية الفاصلة من حيث السياق الإيقاعي في توافقها مع نظائرها من الفواصل السابقة واللاحقة. فمثلاً قوله تعالى: ? أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ? (). وقد رُوعِيَ فيها بناء الفاصلة على حرف (الدال) بما يحمله من شحنات سياقية ودلالية دالة على الاضطراب والقلق والشدة، وكان من الممكن أن ينكسر النسق الإيقاعي للفاصلة إذا ما اكتملت كلمة (الواد) لتصبح (الوادي)، مما يشكل انكساراً حاداً في هذا النسق. ولذا جاء الحذف لياء المنقوص حفاظاً على هذا السياق النغمي، وانسجاماً مع معاني الاضطراب والشدة التي بنيت عليها الآيات ().
وترى د. عائشة عبد الرحمن أن هذا التأويل بالحذف لأجل رعاية الفاصلة في الآية السابقة مستبد، ولا ينبغي لنا الالتفات إلى أثره، لأنه غير قائم في هذا المقام. كما أننا إذا أردنا تفسير سياقات هذا الحذف فلا بد من استقصاؤه في القرآن الكريم كله للوقوف على المواضع كلها. تقول: " أفلا يكون القائلون بالحذف لرعاية الفواصل قد تعجلوا بمثل هذا القول في آيات الفجر ونظائرها، محتكمين إلى قواعد اللغويين والنحاة في المعتل الآخر والمنقوص حين ينبغي أن نرفض قواعدهم على ما يهدي إليه الاستقراء لكل مواضع الحذف والإثبات في الكتاب الحكيم " ().
وهذا الرأي يتسق في جانب منه مع ذهابنا إلى أهمية الدور الذي يؤديه السياق عندما يعانق مثل هذه الظواهر، مع عدم إهمال النظرة الكلية لهذه الفنيات في إطار النص القرآني كله، دون الاكتفاء بالنظرة الجزئية الضيقة.
أما بقية الأسماء المنقوصة التي ورد فيها حذف الياء وليست بفاصلة، وهي في دواخل الجمل، فإن السياق فيها على مراعاة أحكام الوقف والوصل كما سيأتي بيانه في فصل البلاغة الصوتية في القراءات إن شاء الله.
د – الحذف لالتقاء الساكنين:
وهذا من نماذج التلوين الصوتي في القرآن الكريم، وهو على السعة والكثرة في السياقات القرآنية. ومثل هذا الحذف في كلام العرب كثير. وقد تعرض لبيان هذا النوع من الحذف الكثير من علماء العربية مثلما نجد عند العكبري، و ابن يعيش، والرضي ().
* ومن أمثلة ذلك الحذف ما نلمسه في قوله تعالى: ? قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ? (). فقد قرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو عمرو، والسلمي، وسعيد بن المسيب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود وأصحابه (يَقْضِ الحقّ) بسكون القاف، وبدون ياء على التقدير: القضاء الحقّ، أو يقضي بالحقّ، وحذف الخافض (). قال الزجاج: " هذه كتبت هنا بغير ياء على اللفظ، لأن الياء أُسقطَت لالتقاء الساكنين " ().
فقد علل الحذف هنا لالتقاء الساكنين وهما: (الياء) من الفعل (يقضِي)، وألفا الوصل في كلمة (الحقّ)، فحذفت الياء تخلصاً من هذا الثقل.
* ومن ذلك أيضاً مل نجده في قوله تعالى: ? سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ? (). فقد كتِبَت كلمة (سنَدْعُ) بدون واو مع أن الخطاب للجمع. فالواو سقطت في الوصل لالتقاء الساكنين (). يقول البنا الدمياطي (ت 1117 هـ): " بحذف الواو للكل للرسم " ().
¥