تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلى هذا الأساس يمكننا تفسير التلوين الصوتي المتولد عن العدول التركيبي في الجمل بمعانقتها لسياقات التقديم والتأخير الرتبي بما يحمله من مظاهر العناية والاهتمام، وتفريعات أهل النحو والبلاغة في هذا المقام.

* فمن هذا النموذج ما نلمسه من عدول تركيبي يتمثل في تقديم المسند إليه (المبتدأ) وهو في صورته المنكرة، حيث إن حقه التأخير قفي هذه الحالة. وقد تناول البلاغيون مسألة (الابتداء بالنكرة) في أثناء حديثهم عن " تنكير المسند إليه "، وقد جعلوا لهذا التنكير أغراضاً هي ():

1 - للإفراد؛ أي القصد إلى فرد بعينه دونما تحديد.

2 - للنوعية؛ أي القصد إلى نوع بعينه محدد.

3 - للتعظيم.

4 - للتكثير.

5 - للتقليل.

6 - لإرادة العموم.

فإذا أردنا هنا في هذا المقام تلمس هذه الأغراض في الآيات التي وردت مبتدأٌ فيها بالنكرة، يكون النسق كالتالي:

* ما ورد من النكرة للتعظيم، تمثل في الآيات التالية:

- قوله تعالى: ? فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ? سورة الذاريات (آية رقم 60).

- قوله تعالى: ? فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ? سورة الطور آية رقم (11).

- قوله تعالى: ? لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ ? سورة الطور آية رقم (23). تعظيماً لشأن الجنة، وتميزها عن الدنيا.

- قوله تعالى: ? فوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ? سورة المرسلات الآيات رقم (15 – 19 – 24 – 28 – 34 – 37 – 40 – 45 – 47 – 49).

- قوله تعالى: ? وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ? سورة المطففين آية رقم (1).

- قوله تعالى: ? فوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ? سورة المطففين آية رقم (10).

- قوله تعالى: ? وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ? سورة الهمزة آية رقم (1).

- قوله تعالى: ? فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ? (). يقول الزمخشري: " فويل للمصلين على معنى: فويل لهم، إلا أنه وضع صفتهم موضع ضميرهم؛ لأنهم كانوا مع التكذيب، وما أضيف إليهم ساهين عن الصلاة مرائين " ().

وكل ما ورد من نكرة مبتدأ بها بغرض الدعاء، وبلفظ (ويل) فلا شك في أن إرادة تهويل العذاب المنتظر لهذه الفئات، هو عين المراد هنا، ليكون ذلك أقوى رادع، وأشد مخوف لهم.

* أما ما ورد من النكرة ويراد به التكثير، فيتمثل في الآيات التالية:

- قوله تعالى: ? ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ? سورة الواقعة آية رقم (13). فهذه الفئة المؤمنة من أصحاب رسول الله ? هم أكثر أهل الجنة، وهم أهل المنزلة العالية. وهم لهذه الصحبة، ولهذا البلاء الحسن (ثلة) كبيرة كثيرة آثرت الآخرة فنالوها معاً، واستحقوا ما وعدهم الله من عظيم الجزاء والثواب.

- قوله تعالى: ? وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ? سورة القيامة آية رقم (24).

- قوله تعالى: ? قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ? سورة النازعات آية رقم (8).

- قوله تعالى: ? وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ? سورة عبس آية رقم (40).

- قوله تعالى: ? وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ? سورة الغاشية آية رقم (2).

فهذه الأصناف جميعها من الفئات التي ضلت وأضلت، ولذا كان الأصل فيها أن تكون كثيرة في جانب أصحاب النار. فقد جاء سياق النكرة هنا دالاً على كثرة هذه الفئات يوم القيامة، فقد ورد سياق الحديث بها في سياق الحديث عن القيامة وما يتبعها من أحداث، لم تخالف آية منها في ذلك السياق. وجاءت النكرة في هذه الآيات مدللة على فداحة الخطب، وكثرة الفئات الضالة في ذلك اليوم لأنه يوم الحساب، فهو يوم العرض، والمجازاة بالأعمال.

* أما ما ورد من النكرة ويراد بها التقليل، فيتمثل في الآيات التالية:

- قوله تعالى: ? وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ? سورة الواقعة آية رقم (14).

- قوله تعالى: ? وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ? سورة القيامة آية رقم (22).

- قوله تعالى: ? وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ? سورة عبس آية رقم (38).

- قوله تعالى: ? وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ? سورة الغاشية آية رقم (8).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير