تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لإضافته إلى الحفرة وهو منها " (). فجعل التكرار هنا للتأكيد على الإنقاذ بالإسلام.

* ومنه قوله تعالى: ? لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ? ()، حيث عبّر أولاً بشبه الجملة (لربّهم) ثم كررها بالضمير في قوله (له). والدلالة المستفادة هنا أن التعبير بلفظ (ربهم) مسبوق بحرف الجر (اللام) في جانب أهل الإيمان ممن استجابوا لدعوة الحق، فكان جزاؤهم الحسنى. فناسب ذكر الاسم الصريح هنا مقام الاستبشار والاستئناس بهذا اللفظ الدال على موجبات الرحمة والعناية. لكنه عدل إلى توظيف الضمير العائد عليه سبحانه وتعالى دون ذكر الاسم الصريح في جانب أهل الكفر والعناد كنوع من التبكيت والتقريع، ولذلك حذف الجزاء فلم يقل (لهم السوأى)، كما قال في جانب أهل الإيمان أن (لهم الحسنى). يقول أبو السعود: " الموصول مبتدأ، والشرطية كما هي خبره، لكن لا على أنها وضعت موضع (السوأى) فوقعت في مقابلة الحسنى الواقعة في القرينة الأولى لمراعاة حسن المقابلة، فصار كأنه قيل: (والذين لم يستجيبوا لهم السوأى) كما يُوهِم، فإن الشرطية وإن دلّت على سوء حالهم، لكنها بمعزل عن القيام مقام لفظ (السوأى) مصحوباً باللام الداخلة على الموصول أو ضميره " (). فكرر هنا للتهويل مما ينتظرهم لعدم الاستجابة، والتقريع بإبهام الجزاء لهذه العناد.

هكذا يتسق التوظيف القرآني لسياقات شبه الجملة في تعانقها مع فنية التكرار لأداء مقاصد دلالية في نسيج النص القرآني، ورعاية لسياقات التعبير في هذه التوظيفات.

ثانياً: تكرار الجملة

تتكرر الجمل في القرآن الكريم على صورتين هما:

أ – التكرار التام المتماثل: أي تكرار الجملة كما هي بلا تغيير في مركباتها التكوينية. وعليه قوله تعالى: ? فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ? وهي جملة فعلية تكررت كما هي في سورة الرحمن في (31 إحدى وثلاثين آية).

ب – التكرار غير التام: أي تكرار الجملة مع بعض التغيير في بنياتها التركيبية. وعليه قوله تعالى: ? كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الْأَحْزَابُ إِن كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ? ()، حيث كرّر التركيب الدال على التكذيب مع التنويع في صور هذا التركيب.

ونفصل القول في تكرار الجمل من حيث اسميتها أو فعليتها كما يلي:

1 - تكرار الجملة الاسمية:

تتكرر الجملة الاسمية في النص القرآني لتوكيد المعنى وتقرره في النفس، مع الارتباط في الوقت ذاته بالدلالة على أغراض سياقية خاصة بكل سياق تكراري. وقد ورد تكرار الجملة الاسمية في القرآن الكريم بكثرة. فمن ذلك قوله تعالى: ? أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ? (). فقد كرر هذه الجملة الاسمية (أإله مع الله؟) المكونة من: (همزة الاستفهام + المبتدأ النكرة (إله) + الخبر شبه الجملة؛ الجار والمجرور (مع الله)، في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير