تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- وقوله تعالى: ? جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ? ()، أي: قائلين.

وقد اعترض ابن جني على مثل هذا الحذف للحال بقوله: " لا يحسن، وذلك أن الغرض فيها إنما هو توكيد الخبر بها، وما طريقه طريق التوكيد غير لائق به الحذف، لأنه ضد الغرض ونقيضه " ().

غير أنه أجازه في قوله تعالى: ? فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ?، أي: صحيحاً بالغاً، وذلك لدلالة الإجماع والسنة على ذلك، فكانت هذه القرينة هي المسوغة لمثل هذا الحذف ().

ويلاحظ أن حذف الأسماء بأنواعها ومواقعها الإعرابية يدور في إطار الدلالة السياقية، إذ هي الحاكم الأهم، والموجّه لهذا الحذف، وذلك بقرينة الأطر اللفظية أو المقامية.

2 - حذف الأفعال:

يرد حذف الأفعال في اللغة على جهة الجواز والوجوب من خلال اندماجها في سياق تراكيب معينة. فمثلاً في قوله تعالى: ? إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ ? ()، وقع الاسم (السماء) بعد أداة تختص بالدخول على الفعل وهي (إذا)، ولذا قدّر الفعل بين الأداة والاسم بدلالة ذكره بعد الاسم، فيكون التقدير: (إذا انشقت السماءُ انشقت). والفعل المُقَدّر هنا واجب الحذف، ولا يجوز مطلقاً الجمع بين العوض والمُعَوَّض عنه، وهذا رأي الجمهور ().

وتجدر الإشارة إلى أن الكوفيين لا يرون هنا أي حذف، ويجيزون دخول (إذا) على الأسماء ().

* وعلى هذا يخرّج قوله تعالى: ? وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ? ().

* وقوله تعالى: ? إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ? ().

* وقوله تعالى: ? إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ? ().

فالأفعال المحذوفة هنا على غرض الإيجاز والاختصار.

3 - حذف الجمل:

تحذف الجمل في اللغة إرادة للتخفيف، وتجنّباً لطول الكلام بلا فائدة منعاً للتكرار، وقصداً إلى الإيجاز والاختصار. ويلحظ أن حذف الجمل يتم في سياقات الأساليب المركبة من أكثر من جملة مثل أساليب الشرط، والقسم والعطف، والاستفهام. ومن ذلك:

* حذف جواب الشرط في قوله تعالى: ? وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ? ()، فالجواب لم يذكر هنا، وتقديره: أعرضوا. يقول الزمخشري: " جواب إذا محذوف مدلول عليه بقوله: ? إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ? ()، فكأنه قال: وإذا قيل لهم اتقوا أعرضوا " ().

* وقوله تعالى: ? مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً ? ()، فحذف جواب الشرط، والتقدير: إن شكرتم وآمنتم لم يعذبكم، لأن معنى (ما يفعل الله بعذابكم) أي شيء يفعل الله بعذابكم. فما هاهنا مخرجها مخرج الاستفهام. ومعنى الكلام التقرير بأن العذاب لا يكون للشاكر المؤمن، لأن تعذيب الشاكر المؤمن لا غرض فيه لحكيم، فكيف بمن لا تضره المضار، ولا تنفعه المنافع سبحانه وتعالى ().

* ومنه حذف جملة جواب القسم، وذلك إذا تقدّمها أو لابسها ما يغني عن ذكر الجواب. وعليه قوله تعالى: ? وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ? ()، غذ حذف جواب القسم الذي تقديره: لأعذبنّ هؤلاء المعاندين، والدليل على هذا المحذوف ما يلحق من آيات دالة على إهلاك الأقوام المعاندين من الأمم السابقة.

* ومنه قوله تعالى: ? ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ? ()، فحذف جواب القسم، وتقديره: لأهلكنّ، أو لأعذبنّ، والدليل عليه ما يلحق من آيات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير