تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ):

بيان لقدر هذا الحمد: فهو يملأ السماوات والأرض: خصوصا، ويملأ ما شاء الله، عز وجل، من شيء بعد ذلك عموما، ففيه: عموم استفيد من النكرة "شيء" التي وردت في سياق إثبات، فأفادت العموم الشمولي لا البدلي، في هذا الموضع بعينه، لقرينة الثناء على الله، عز وجل، الذي يناسبه شمول الحمد جنسا ومقدارا، وقد أكد هذا العموم بـ: "من" الزائدة، وهي نص في توكيد العموم.

أهل الثناء والمجد: نصب على الاختصاص يفيد، من اسمه: اختصاص الباري عز وجل، بمعاني الثناء التي تلزم من صفات الجمال، ومعاني المجد التي تلزم من صفات الجلال، فله الكمال: ثناء ومجدا، جمالا وجلالا.

أحق ما قال العبد: تشويق بتقديم الحكم، فيتلهف السامع إلى معرفة ذلك القول:

وفي قوله: "وكلنا لك عبد":اعتراض بنص في عموم عبودية البشر جميعا للرب، جل وعلا، فـ: "كل": من أقوى صيغ العموم، بل هي نص فيه، وإن احتمل المجاز احتمالا مرجوحا في نحو حديث عائشة، رضي الله عنها، في صيام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شعبانَ: كان يصوم شعبان كله، أي معظمه.

وتقديم "لك" وحقه التأخير: قصر لتلك العبودية على الله، عز وجل، فمن عبده امتثالا، فهو عابد، ومن خرج عن أمره الشرعي لم يسعه الخروج عن أمره الكوني، فهو عبد، رغم أنفه، وفي التنزيل: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)، فـ "من": موصول مشترك، وهو صيغة عموم بنفسه تأكد عمومه بإضافة "كل" إليه، وروده في سياق نفي واستثناء قاصر، وهو أقوى أساليب القصر.

وفي هذا الاعتراض: مزيد ثناء على الله، عز وجل، ومزيد تشويق للسامع، والقول باعتراضه على التفصيل المتقدم هو اختيار النووي، رحمه الله، في "شرح مسلم".

لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت: القول الذي انتظره السامع، واشتاقت نفسه إلى معرفته، فأحق ما قاله العبد هو: لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت.

وفيه مقابلة بين الجملتين، وطباق بالإيجاب بين معنيي: (المنع والعطاء) في كل جملة.

وتسلط النفي بـ: "لا" النافية للجنس على جنس ما دخلت عليه نص في النفي.

ولا ينفع ذا الجد منك الجد: قال النووي رحمه الله: "أَيْ لَا يَنْفَع ذَا الْحَظّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ وَالْوَلَد وَالْعَظَمَة وَالسُّلْطَان مِنْك حَظّه أَيْ لَا يُنْجِيه حَظّه مِنْك وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ وَيُنْجِيه الْعَمَل الصَّالِح، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك} ". اهـ

وتسلط النفي بـ: "لا" على المصدر الكامن في "ينفع": نص في نفي الانتفاع، فلا ينفع السلطانُ صاحبه أي نفع ولا يغنيه أي غناء.

*****

وكان عليه الصلاة والسلام يقول في الرفع من الركوع في قيام الليل: "لِرَبِّيَ الْحَمْدُ"، وكان قيامه نحوا من ركوعه، كما في حديث حذيفة، رضي الله عنه، مرفوعا، عند أبي داود، رحمه الله، في سننه.

ففيه قصر، أيضا، بتقديم ما حقه التأخير: "لربي"، واللام فيه للاستحقاق، و "أل" في الحمد: استغراقية لكل معاني الحمد، فجنس المحامد المطلقة كلها مُسْتَحَقٌ للرب جل وعلا.

والأصل أن ما جاز في النافلة يجوز في الفريضة، إلا ما ورد الشرع باستثنائه كجواز النافلة من قعود بلا عذر.

والله أعلى وأعلم.

ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[28 - 08 - 2008, 01:51 م]ـ

أثابك الله أخي مهاجر، موضوع متميز.

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[29 - 08 - 2008, 12:41 ص]ـ

جزيت خيرا

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 09 - 2008, 06:31 ص]ـ

جزاكما الله خيرا أيها الكريمان، على المرور والتعليق، وعذرا على تأخر الرد.

ومن أذكار السجود:

"سبحان ربي الأعلى":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير