ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 10 - 2008, 08:51 ص]ـ
ومن أذكار التشهد:
التحيات:
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ).
"التحيات": "أل": استغراقية لعموم التحيات، ولا يرد على ذلك أن جمع المؤنث السالم: جمع قلة، والمقام مقام تكثير، لأن العموم إنما استفيد من "أل" لا من نفس صيغة الجمع، وهي تفيد العموم، سواء اتصلت بمفرد كـ: "الثمرة"، أو جمع قلة كـ: "الثمرات"، أو جمع كثرة كـ: "الثمار".
وبذلك خرج قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
وقول حسان رضي الله عنه:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى ******* وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
يقول أبو حيان رحمه الله: "فقامت الثمرات مقام الثمر أو الثمار على ما ذهب إليه الزمخشري، لأن هذا من الجمع المحلى بالألف واللام، فهو وإن كان جمع قلة، فإن الألف واللام التي للعموم تنقله من الاختصاص لجمع القلة للعموم، فلا فرق بين الثمرات والثمار، إذ الألف واللام للاستغراق فيهما، ولذلك رد المحققون على من نقد على حسان قوله:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى ******* وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
بأن هذا جمع قلة، فكان ينبغي على زعمه أن يقول: الجفان وسيوفنا، وهو نقد غير صحيح لما ذكرناه من أن الاستغراق ينقله". اهـ
لله: اللام للاختصاص والاستحقاق فعموم التحيات: كيفا وكما، لا يستحقه إلا الله، عز وجل، ومن المحامد ما استقل بها فلا يشركه فيها أحد سواه، وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ)، ولا يستحق الحمد عند وقوع المكروه إلا الله، عز وجل، ولا ينعت غيره بالرحمة العامة في "الرحمن" فلا يسمى غيره "رحمانا".
الْمُبَارَكَاتُ: صفة كاشفة فلا مفهوم لها، إذ ليس من التحيات ما هو غير طيب، وإلا لما كان تحية أصلا، فتفيد التوكيد على شرف هذه التحيات، فهي مباركة تليق بذات المحيى جل وعلا.
الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ: خصوص بعد عموم، فالصلاة الطيبة فرد من التحيات المباركات، فيفيد التنصيص عليها التوكيد على شرفها، فهي مذكورة ضمنا في اللفظ الأول، مطابقة في اللفظ الثاني، على التفصيل المتقدم في دلالة الاقتران والافتراق، إذ يصح أن يقال هنا بأن كليهما ينوب عن الآخر حال الافتراق، فإذا ما اجتمعا استقل كلٌ بمعنى يكمل معنى الآخر.
والطيبات: قيد كاشف على التفصيل المتقدم في "المباركات".
والصلوات هنا: إما أن يراد بها الحقيقة الشرعية المعهودة، وإما أن يراد ما هو أعم منها من الحقيقة الوضعية، فتكون كل الدعوات سواء أكانت بهيئات مخصوصة أم كانت مطلقة، لله، عز وجل، فالمقام يتسع لكليهما، إذ الحقيقة الوضعية أعم من الحقيقة الشرعية، ومتى أمكن حمل اللفظ على الأعم صير إليه وعدل عن الأخص لئلا تهدر أفراد هذا العام التي تخرج بتخصيصه، إذ قصر الصلوات على الصلوات المعهودة: تخصيص يخرج ما عداها من صور الدعاء، وهو ما يتنافى مع مقام المدح والثناء على الله، عز وجل، فهو مقام عموم لا خصوص، فالسياق، وإن كان نصا شرعيا الأصل فيه تقديم الحقيقة الشرعية المعهودة إلا أن قرينة الإطناب الذي يقتضيه المقام بذكر كل أنواع الدعوات الطيبات ترجح الحقيقة اللغوية على الحقيقة الشرعية.
لله: اختصاص واستحقاق فلا تكون التحيات الكاملات بمختلف أنواعها وأقدارها إلا لرب البريات جل وعلا.
السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ:
"السلام": عموم في: "السلام" أفادته "أل" الجنسية الاستغراقية، فله من السلام أطيبه وأكمله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أيها النبي:
¥