تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما ابن عبد البر فقد قال بعد ذكر رواية أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن بشر: ولكنه أخطأ في موضعين من الإسناد، أحدهما أنه جعل في موضع عمر بن عبد الرحمن، عبد الله بن أبي حسين، والآخر أنه أسقط صفية بنت شيبة من الإسناد، فأفسد إسناد هذا الحديث، ولا أدري ممن هذا، أمن أبي بكر؟ أم محمد ابن بشر؟ ومن أيهما كان فهو خطأ، لا شك فيه.

وقد تعقبه ابن القطان بقوله: كذا قال أبو عمر، وعندي أن الخطأ فيه إنما هو من عبد الله بن المؤمل، فإن محمد بن بشر راوية عنه ثقة، وابن أبي شيبة إمام، وعبد الله بن المؤمل يحتمل بسوء حفظه أن يحمل عليه، وقد ظهر اضطرابه في هذا الحديث. (الوهم والإيهام 5/ 158).

وقال ابن عبد البر بعد ذكر رواية محمد بن سنان: هكذا قال: " يطوف بالبيت" وأسقط من إسناد الحديث عطاء، والصحيح في إسناد هذا الحديث ومتنه ما ذكره الشافعي وأبو نعيم - يعني به الوجه الثالث، الذي لم يسقط من إسناده أحد، كالذي رجحه الدارقطني -.

ثم تكلم ابن عبد البر - رحمه الله - في رفع حال ابن المؤمل، ودفع تهمة التفرد والاضطراب عنه، (انظر التمهيد 2/ 102).

والذي يظهر لي أن الاضطراب في حديث ابن المؤمل ظاهر، لثبوت هذه الأوجه عنه من رواية الثقات مما يدل على أن أصل هذا الاختلاف من ابن المؤمل نفسه.

على أنه لو رجح الوجه الذي رجحه الدارقطني، وابن عبد البر فإنه لا يعني ثبوت الحديث لحال ابن المؤمل- كما سبق- وكذا ابن محيصن لا يحتمل مثله التفرد، والله أعلم.

وبناءً على هذا يبقى النظر في الطرق عمَّن فوق ابن المؤمل وابن محيصن، وهي كالتالي:

أولاً: عطاء بن أبي رباح، وقد روي عنه على وجهين:

الوجه الأول: عن عطاء، عن صفية، عن حبيبة، وهذه رواية ابن محيصن أو ابن المؤمل على الاختلاف السابق.

الوجه الثاني: عن عطاء عن ابن عباس، وهذه رواية ابن جريج، وإسماعيل ابن مسلم، وقد تفرد عنهما المفضل بن صدقة، وعنه معاوية بن عمرو، ولذا قال الطبراني في الأوسط بعد سياق عدة أحاديث من طريق معاوية عن المفضل قال: لم يرو هذه الأحاديث عن المفضل بن صدقة إلا معاوية بن عمرو.

والمفضل هذا قال فيه ابن معين: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك. وقال أبو حاتم: ليس بقوي يكتب حديثه. وقال أبو زرعة: كوفي ضعيف الحديث. (الجرح والتعديل 8/ 315، والميزان 4/ 168) وفيه كلام غير ذلك، وقد جاء بهذا الوجه الغريب في هذا الحديث، الذي لم يأت به أحد سواه، وهذا يدل على سقوط هذا الوجه، وأنه لا يعتد به.

وبهذا يعود الكلام عن عطاء إلى الكلام السابق، والله أعلم.

ثانياً: صفية بنت شيبة، وله عنها عدة طرق، وهي:

الطريق الأول: طريق المغيرة بن حكيم الصنعاني، وهو ثقة، وثقه ابن معين، والنسائي، والعجلي وغيرهم (تهذيب الكمال 28/ 357، التقريب 6833)، وقد رواه عنه اثنان، وهما: بديل بن ميسرة العقيلي، والمثنى بن الصباح اليماني ثم المكي.

فأما بديل بن ميسرة فاختلف عليه، فرواه حماد بن زيد، عن بديل، عن المغيرة ابن حكيم، عن صفية، عن أم ولد لشيبة، وخالفه هشام الدستوائي، والجهضمي، وأبو عامر صالح بن رستم، فرووه عن بديل، عن صفية، عن أم ولد لشيبة - لم يذكروا المغيرة - ولكن الجهضمي - أيضاً - لم يذكر أم ولد شيبة، بل جعله من مسند صفية، وقد حكم الدارقطني لحماد بن زيد، فقال: وقول حماد أشبه. (العلل 5/ الورقة 231).

وحديث بديل هذا من أقوى طرق هذا الحديث، فإن بديل بن ميسرة ثقة، وثقه ابن معين، وابن سعد، والنسائي وغيرهم، وقال أبو حاتم: صدوق. (تهذيب الكمال 4/ 31، التقريب 646)، وقد سبق أنه بلفظ " لا يقطع الأبطح إلا شداً " وهو من حديث أم ولدٍ لشيبة، وقد قيل هي حبيبة بنت أبي تجراة، وقيل: بل غيرها، والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير