تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس تدري أين تذهب قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}.

و حيث أن ظاهر السند لا سبيل للطعن فيه، لجأ الدكتور إلى أحد رواته و هو (إبراهيم بن يزيد بن شَريك التيمي أبو أسماء)، فادعى أنه مدلس و قد عنعن، فَرَدّ الحديثَ بسببه.

فأسوق كلامَ الدكتور ثم أبيّن المآخذ عليه.

نقل الدكتور (ص 34) أقوالَ أهل الجرح و التعديل في إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي المذكور:

قال ابن حجر: ثقة عابد إلا أنه يرسل و يدلس.

وقال ابن معين و أبو زرعة: ثقة.

و قال أبو حاتم: صالح الحديث.

و قال الكرابيسي: حدث عن زيد بن وهب قليلاً أكثرها مدلسة.

و قال الدارقطني: لم يسمع من حفصة و لا من عائشة و لا أدرك زمانهما.

و قال أحمد: لم يلق أبا ذر.

و قال ابن المديني: لم يسمع من علي و لا من ابن عباس.

و قال القطان في رواية إبراهيم التيمي عن أنس في قبلة الصائم: لاشيء، لم يسمعه.

و قال إبراهيم النخعي: ما أحد فيمن يُذكّر أرجى في نفسي أن يَسلَم من إبراهيم التيمي على القصص، و لوددت أنه يَسلَم منه كفافاً، لا له ولا عليه.

ثم عقب الدكتور قائلاً:" ما أدري كيف حكم الجماعة بصحة هذا الأثر، و إبراهيم على شهرته بالتدليس و الإرسال و قد عنعن عن أبيه؟. و هو فوق هذا قصاص (كذا!) و قد مر بك هاجس إبراهيم النخعي فيه. و مما غر القومَ فيه (كذا) أنه عابد زاهد يَبيت الشهر طاوياً من الجوع".

النقاط التي تمسك بها الدكتور هي:

1 - قول الحافظ إبن حجر عنه أنه يرسل و يدلس

2 - نسبة الكرابيسي التدليس إلى إبراهيم التيمي في روايته عن زيد بن وهب.

3 - قول القطان عن حديث " قبلة الصائم" أن إبراهيم لم يسمعه.

4 - كونه من القصاص و "هاجس" النخعي فيه.

الجواب على كلام الدكتور:

1 - قال ابن حجر في التهذيب: (روى عن أنس و أبيه و الحارث بن سويد و عمرو بن ميمون و أرسل عن عائشة.)

و في تهذيب الكمال للحافظ المزي:

(ع إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي تيم الرباب أبو أسماء الكوفي كان من العباد روى عن أنس بن مالك وأبي عائشة الحارث بن سويد خ م د س ق وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعمرو بن ميمون الأودي ت ق وأبيه يزيد بن شريك ع وعن عائشة أم المؤمنين مرسل د س)

و إذا عَلِمنا أنهم نصوا على أن الحجاج قَتَله أو تسبب في موته عام 92 ولم يبلغ أربعين عاما، عَلِمنا أن ولادته كانت بعد سنة 52 و أن أول سماعه و روايته لا يمكن أن تكون قبل سنة 65 تقريبا.

و فيما يلي أسماء من ذُكِرَت له رواية عنهم مرتبين على سني الوفاة:

أبو ذر: 31

علي بن أبي طالب: 40

حفصة بنت عمر بن الخطاب توفيت سنة: 45

عائشة بنت أبي بكر الصديق: 57

(أبوه) يزيد بن شريك: توفي في خلافة عبد الملك (65 - 86)

الحارث بن سويد (تابعي): آخر خلافة ابن الزبير تقريبا سنة 72 - 73

عمرو بن ميمون: 74

عبد الرحمن بن أبي ليلى (تابعي): 83

عبد الله بن عباس: 87

زيد بن وهب: تقريبا 95 – و سأفرد الكلام في رواية التيمي عنه في نقطة (2).

فكما سبق، لا يمكن أن يروي إبراهيم سماعاً عمن كانت وفاتهم قبل سنة 65، و إن وَرَد شيء من ذلك، فلا يُسمى تدليساً، بل هو من باب (الإرسال الجلي) و هذا لا يجعل الراويَ مدلساً ترد رواياته بالعنعنة. فلو أرسل عن أي من: أبي ذر، علي، عائشة أو حفصة كان حديثه مرسلاً عنهم، واضحَ الانقطاع لا يوصف مَن أرسله بالتدليس. ومع هذا فإن المزي، كما نقلتُ أولاً، لم يذكر أياً منهم في شيوخه و فيمن روى عنهم .. فالذي يبدو أنه كان يقص عنهم، و يُكْثر مِن ذِكرهم، لذا نبَّه المحدثون على عدم سماعه منهم، لكنه لم يرو عنهم بالمفهوم الحديثي الاصطلاحي.

هذا يفسر و يبين مرادَ الحافظ ابن حجر في (تقريب التهذيب) حين ذكر أنه "يرسل".

نعم، بقي أن نتكلم عما ذكره الحافظ في كلمته من التدليس، وهو ما سأبحثه في النقطة التالية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير