تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - نقل الحافظ في (التهذيب) عن الحسين بن علي الكرابيسي (ت 248) قولَه في إبراهيم: (حدث عن زيد بن وهب قليلاً، أكثرها مدلسة).

أول ما يلاحظه الباحث أن إبراهيم ليس له ذكر في الكتب التي ذكرَت أسماءَ المدلسين. و هذه الكتب ذكرت كلَّ مَن وُصِف بالتدليس سواء قُبِل منه ما رواه مدلَّساً أو رُد. ومن هذه المؤلفات ما ألفه ابنُ حجر نفسه: (تعريف أهل التقديس)، فإنه لم يذكر إبراهيماً التيمي مطلقاً، مع العلم أن الحافظ استفاد جُلَّ مادتِهِ مَن (جامع التحصيل – للعلائي) كما قاله شيخنا الشيخ صلاح الدين الإدلبي حفظه الله، و العلائي قد ذكره في كتابه هذا و وصَفَه بالإرسال، فأسقطَ ابنُ حجر ذكرَه لعدم انطباق شروطِ الوصفِ بالتدليس عليه.

والدكتور أظنه قد اطلع على كتب المدلسين، ومنها كتاب ابن حجر، فلم يجد إبراهيم التيمي مذكوراً فيها، فمرة ثانية لم يكلف نفسَه عناء بيان للقراء: لماذا رَدَّ حديثَ إبراهيم المعَنعَن مع عدم ذِكره في المدلسين؟

ثم إن الحافظ في (التهذيب)، و الذي هو أصل (التقريب)، لم يذكره بتدليس إلا ما كان قد روي عن الكرابيسي.

ثم إن الكرابيسي خصص كلامه في مرويات إبراهيم عن زيد بن وهب. و زيد بن وهب لم تحدد بدقة سنة وفاته، لكن ذكر ابن حجر أن وفاته كانت بعد سنة 80 و قال بعضهم تحديداً سنة 96. و ثبت أنه ارتحل إلى المدينة للقيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يدركه. و الذي يدعونا للتوقف في قبول كلام الكرابيسي أشياء:

أ - عدم ذكر زيد في أسماء شيوخ إبراهيم

ب - عدم ذكر إبراهيم في أسماء من روى عن زيد

ت - إنفراد الكرابيسي بنسبة التدليس إليه، و تابعه الحافظ في التقريب فقط

ث - الكرابيسي مع تضلعه بالفقه و الأصول، لكنه غير مذكور ولا مشهور في هذه الأبواب ليقبل كلامه إذا لم يوافقه أحد. ولم يذكره الذهبي في (تذكرة الحفاظ) منهم. ولم يذكر الذهبيُ الكرابيسي فيمن يُعتمد قولُه في الجرح و التعديل.

ج - لم يسبق أن رد المحدثون – فيما أعلم _ حديثَ إبراهيم المعنعن، بل تتابعوا على تلقيه بالقبول.

ح - توجد في الصحيحين عشرات الروايات فيها عنعنة إبراهيم.

خ - لم أجد – عبر البحث في الحاسوب – رواية لإبراهيم عن زيد، فالله أعلم.

د - ثم هل يثبت الكلام عن الكرابيسي؟

فهذه القرائن تدعونا، على أقل تعديل، أن نتوقف و نتَثَبّت من كلام الكرابيسي إن لم نردهّ. فاعتماد الحافظ على كلام الكرابيسي، إثباتاً لتدليس إبراهيم، يحتمل إعادة النظر.

فلا ينبغي أن نأخذ كلامَ ابن حجر في (التقريب) مجتزَأً عن الصورة الكلية، كما فعل الدكتور، و نزعم أن " .. إبراهيم مدلس مشهور .. "، ولم يصفه بالتدليس عالم أو محدث كما سبق بيانه.

3 - أما حديث قُبلة الصائم و ما قاله يحيى القطان من أن إبراهيم لم يسمعه من أنس (يعني أنه قد دلَّسَه)، فأصل المسألة – والله أعلم – ما ذكره العلائي في (جامع التحصيل) في ترجمة إبراهيم، فقال: (و قال الترمذي: لا نعرف لإبراهيم التيمي سماعاً من عائشة. أهـ ووقفت في هذا المعنى على جزء لطيف بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي مِن جَمعه فنَقلت جميعَه في هذا المعجم، و مما فيه: ترجمة إبراهيم التيمي هذا ما صورته: و التيمي عن أنس في القبلة للصائم، قال يحيى القطان: لا شيء، لم يسمعه أهـ) من جامع التحصيل.

فجاء الحافظ رحمه الله، فنَقَلَ ما حكاه الضياء من كلام القطان كما هو، و الأمر وهمٌ من الضياء رحمه الله، فإن يحيى القطان لم يقل هذا، وأنقل من السنن الكبرى للنسائي أصلَ الكلام الذي وَهِم فيه الضياءُ و تبرَأ معه ذمةُ إبراهيم مِن وصف القطان إياه بالتدليس.

قال النسائي في السنن الكبرى (1/ 97):

(أخبرنا محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد عن سفيان قال حدثني أبو روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبّل بعض أزواجه ثم يصلي فلا يتوضأ. قال أبو عبد الرحمن: وقد روى هذا الحديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة، وقال يحيى القطان: حديث حبيب عن عروة عن عائشة هذا وحديث حبيب عن عروة عن عائشة تصلي وإن قطر الدم على الحصير قطرا شبه لا شيء) ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير