تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا شك أنَّ أرجح هذه الأوجه الثلاثة هو الوجه الثالث الذي رواه الجماعة، ويؤيِّده أنَّه هو الوجه المشهور عند أهل العلم كما سيأتي، إلا أن يقال: إنَّ الرجل المبهم في الوجه الثاني هو ابن عباس كما استظهره الحافظ في التلخيص (1/ 130) وهذا مجرد احتمال لا يمكن الجزم به؛ لأنَّنا لانستطيع إلحاقه بأحد هذين الوجهين إلا بقرينة واضحة جليِّة وهي غير موجودة هنا فيما يظهر.

وعلى كلٍّ؛ فقد أشار الإمام النسائي إلى تعليل رواية الحسن بن مسلم بمخالفة حنظلة بن أبي سفيان له {انظر السنن ح 2923} ومع ذلك فرواية حنظلة معلولة برواية الجماعة من أصحاب طاوس كما سبق، والله أعلم.

وأما الجهة الثانية، (وهي الاختلاف في رفع الحديث ووقفه) فـ بعدما تبيَّن لنا أنَّ الصواب في حديث طاوس هو ما رواه الجماعة عنه بجعله من مسند ابن عباس، نجد أنَّ الاختلاف عليه في رفع الحديث ووقفه سوف ينحصر حينئذٍ على وجهين فقط هما:

الوجه الأول: طاوس عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (مرفوعاً)، وهذا الوجه رواه عنه كلٌّ من:

1. عطاء بن السائب فيما رواه عنه خمسة وهم: جرير، والفضيل، وموسى بن أعين في رواية علي بن معبد وأبي جعفر النفيلي عنه، والثوري في رواية عبد الصمد بن حسان عنه، وابن عيينة في رواية الحميدي عنه.

2. ليث بن أبي سليم فيما رواه معن بن عيسى عن موسى بن أعين عنه.

3. إبراهيم بن ميسرة في رواية محمد بن عبد الله بن عبيد عنه، وكذا رواية ابن عيينة فيما رواه الباغندي عن عبدالله بن عمر بن أبان عنه.

الوجه الثاني: طاوس عن ابن عباس (موقوفاً)، وهذا الوجه رواه عنه كلٌّ من:

1 - عطاء بن السائب فيما رواه عنه محمد بن فضيل، وكذا حماد بن سلمة وشجاع بن الوليد كما علَّقه عنهما البيهقي.

2 - عبد الله بن طاوس، وابن عيينة في رواية ابن أبي شيبة عنه، والثوري في رواية الحارث بن منصور عنه.

3 - إبراهيم بن ميسرة فيما رواه عنه ثلاثة، وهم: أبو عوانة، وابن جريج، وابن عيينة في رواية عمر بن أحمد بن يزيد عن عبد الله بن عمر بن أبان عنه.

وهنا يتبين أنه قد تعدَّدت بعض الأوجه على من دون طاوس أيضاً من الرواة – وبعضها يُعَدُّ اختلافاً على الراوي في رفع الحديث ووقفه – وهم: (الثوري، وابن عيينة، وعبد الله بن عمر بن أبان، وإبراهيم بن ميسرة، وعطاء بن السائب).

فالأول: (وهو سفيان الثوري) قد روي عنه وجهان:

أحدهما: عنه عن عطاء عن طاوس عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (مرفوعاً)، وهذا الوجه رواه عنه عبد الصمد بن حسان.

والآخر: عنه عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس (موقوفاً)، وهذا الوجه رواه عنه الحارث بن منصور.

وعند التأمل في هذين الوجهين، فقد يقال بتقديم الوجه الأول لكون عبد الصمد – وأقل أحوله أنه صدوق – أثبت من الحارث بن منصور، والحارث نسبه أبو نعيم إلى كثرة الوهم، وقال ابن عدي: "في حديثه اضطراب" وذكره ابن حبّان في الثقات وقال يُغْرِب، بينما قال الحافظ في التقريب: "صد وق يهم" [انظر الكامل 2/ 195 والتهذيب 2/ 158 والتقريب 1057]

وقد يقال بتقديم رواية الحارث هنا لكون روايته قد وافقت رواية الثقات من أصحاب طاوس بوقفه على ابن عباس، وهذا ما رجَّحه الحافظ في التلخيص (1/ 130) حيث قال: ((…والحق أنه من رواية سفيان موقوف ووهم عليه من رفعه)).

والأشبه أنْ يقال: إنَّ كلا الوجهين لم يروه عن الثوري أصحابه المعروفون كـ وكيع، وابن المبارك، ويحيى القطان، وابن مهدي، وأبي نعيم، وغيرهم. فأين هؤلاء من هذين الطريقين لو كانا صحيحين؟!!

ثم إنَّ الحافظ ابن رجب قد ذكر عبد الصمد بن حسان من ضمن الثقات الذين لهم كتاب صحيح، وفي حفظهم بعض شيء، ونقل عن البخاري قوله فيه: "يهم من حفظه، وأصله صحيح" [شرح العلل ص328].

والثاني: وهو (سفيان بن عيينة) قد تعددت الأوجه عنه على ثلاثة:

أحدها: الحميدي عن ابن عيينة عن عطاء عن طاوس عن ابن عباس عن النبي – صلى الله عليه وسلم - (مرفوعاً).

والثاني: ابن أبي شيبة عن ابن عيينة عن عبدالله بن طاوس عن أبيه (موقوفاً).

والثالث: عبد الله بن عمر بن أبان عن ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس (موقوفاً).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير