(الأول) أخرجه البخارى فى ((النكاح)) (5186) قال: حدثنا إسحاق بن نصر، ومسلم فى ((الرضاع)) (1468) قال: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، قالا حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن ميسرة عن أبي حازم عن أبي هريرة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا)).
(الثانى) أخرجه البخارى فى ((تفسير القرآن)) (4557) قال: حدثنا محمد بن يوسف عن سفيان عن ميسرة عن أبي حازم عن أبي هريرة 4557 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)) قَالَ: ((خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلامِ)).
وحسُن ختم هذا الإيضاح بهذا الحديث للدلالة على صحة ما ذكرناه من بعض معنى قول الحافظ الذهبى ((وثق))، ولعلك تتساءل: وهل لهذا الاصطلاح معانٍ آخر. فأقول: نعم، وهذا مما يطول بيانه، وليس ذا موضع بسطه، والله الموفق للصواب.
قلت: ((الإمام الترمذي ضعَّف هذا الحديث وحكم بغرابته، مع أنه صحح غيره من الأحاديث المشابهة له، فهل تراه لا يفهم عندما قال عن حديث نبهان المجهول ((حسن صحيح))، وقال عن حديث صبيح ((غريب)).
وأقول: لقد ظننتَ، فأبعدت فى ظنك، ولم توافق الصواب: أن قول أبى عيسى الترمذى عن حديث ((غريب)) أنه حكم منه عليه بالضعف!. وأول من يرد عليك هذا الظن هو أبو عيسى ـ عليه سحائب الرحمة وشآبيب المغفرة ـ نفسه. ووالله، إنى لأتعجب كثيراً من هذه الأحكام التى تلقى جزافاً من غير إستقراء ولا تدبر!!، وأعجب أكثر حين تُجعل تأويلات المتأخرين أحكاماً خاطئة تحرف بها مصطلحات النقاد المتقدمين كالبخارى والترمذى ونظرائهما. ولا أزال أضحك لهذه المقالة: أن قول الترمذى ((حديث غريب)) يعنى الحكم عليه بالضعف، فماذا أفادك إذن درس المصطلح؟!.
وإليك هذا الإيضاح من كلام أبى عيسى نفسه:
قال أبو عيسى فى ((العلل الصغير)): ((وَرُبَّ حَدِيثٍ يُرْوَى مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ لِحَالِ الإِسْنَادِ.
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ وَأَبُو السَّائِبِ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الأَسْوَدِ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ، وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ)).
قَالَ أَبو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ قِبَلِ إِسْنَادِهِ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى. سَأَلْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلانَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.
وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، لَمْ نَعْرِفْهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِهَذَا، فَجَعَلَ يَتَعَجَّبُ، وَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا حَدَّثَ بِهَذَا غَيْرَ أَبِي كُرَيْبٍ. وقَالَ مُحَمَّدٌ: كُنَّا نَرَى أَنَّ أَبَا كُرَيْبٍ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ فِي الْمُذَاكَرَةِ)).
¥