وقال الحافظ ابن حجر ((التقريب)) (1/ 651): ((مقبول من الرابعة))، يعنى من أوساط التابعين أمثال: حسان بن عطية المحاربى، وسلمة بن كهيل الحضرمى، وشبيب بن غرقدة السلمى، وصالح بن خوات بن جبير الأنصارى، وصفوان بن سليم المدنى، وصفوان بن محرز بن زياد المازنى، وعاصم بن سليمان الأحول، وعبد العزيز بن رفيع الأسدى، وعدى بن ثابت الأنصارى، ويحيى بن وثاب الأسدى وغيرهم من أهل هذه الطبقة.
[ثانياً] بناءاً على قاعدة الذهبى المذكورة فى خاتمة ((ديوان الضعفاء)) له: ((وأما المجهولون من الرواة، فإن كان من كبار التابعين أو أوساطهم؛ احتمل حديثه وتلقى بحسن الظن؛ إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ))، فإن أبا طلحة الأسدى موثق ومحتج به، إذ لم يثبت فى حقه ما يوجب ترك حديثه، ولم يفسر سببٌ يُسقط الاحتجاجَ به، سيما وقد توبع بإسنادٍ صحيح لا غبار عليه، غير الذى وقف عليه الشيخ الألبانى.
[ثالثاً] أما قول ابن حجر عنه ((مقبول))، فعلى خلاف ما توهمه المتأخرون أنه من ألفاظ التجريح، ومنهم الشيخ الألبانى ـ طيب الله ثراه ـ، وقد قاله الحافظ ابن حجر عن جماعة من الثقات الذين احتج بهم الشيخان فى ((الصحيحين))، وعدَّتهم مائة وخمسة من الرواة، وقد ذكرتهم كلهم فى كتابى: ((المنهج المأمول ببيان معنى قول ابن حجر مقبول)).
ولا يغيبن عنك أن عدَّة من وصفهم الحافظ ابن حجر من الرجال بقوله ((مقبول من الرابعة)) فى ((تقريبه)): 194 راوياً، وقد وثق الحافظ الذهبى من بينهم تصريحاً أو تلويحاً: 93راويا ً، ولنقتصر على ذكر عشرين راوياً ممن صرَّح بتوثيقهم بقوله ثقة، ومن بينهم من احتج بهم الشيخان فى ((الصحيحين)):
(1) حصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصارى الأشهلى.
(2) خالد بن سعيد بن أبى مريم القرشى التيمى المدنى.
(3) الزبير بن الوليد الشامى.
(4) زيد بن أبى الشعثاء أبو الحكم البصرى.
(5) سالم بن أبى سالم الجيشانى المصرى.
(6) عباس بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشى الهاشمى.
(7) عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر العدوى.
(8) عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمى.
(9) مسلم بن يسار المصرى أبو عثمان الطنبذى.
(10) مشرح بن هاعان المعافرى أبو المصعب المصرى.
(11) معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب الهاشمى.
(12) المغيرة بن سلمان الخزاعى.
(13) موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبى ربيعة المخزومى.
(14) وقاص بن ربيعة العنسى أبو رشدين الشامى.
(15) يونس بن سيف العنسى الكلاعى الحمصى.
(16) أبو أمامة التيمى الكوفى.
(17) أبو سعيد مولى عبد الله بن عامر بن كريز الخزاعى.
(18) أبو شمر الضبعى البصرى.
(19) أبو عثمان الأنصارى المدنى قاضى مرو.
(20) أبو يزيد المدينى البصرى.
وقد احتجَّ مسلم فى ((صحيحه)) بستةٍ منهم، بيبنما احتجَّ البخارى بالأخير.
وعليه، فإن قول الحافظ عن أبى طلحة الأسدى ((مقبول)) ليس تضعيفاً له ولا تلييناً، كما ظنَّه الشيخ وتأوَّله.
[رابعاً] لم يتفرد أبو طلحة عن أنس، فقد تابعه إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة.
فقد أخرج الطبرانى ((3/ 259/3081) قال: حدثنا بكر بن سهل نا مهدي بن جعفر الرملي نا الوليد بن مسلم نا عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك: أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّ ببنِّية قبةٍ لرجل من الأنصار، فقال: ((ما هذه؟))، قال: قبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ بنَِاءٍ ـ وأشارَ بيده هكذا على رأسه ـ أكبرُ من هذا، فهو وَبَالٌ على صاحبِه يومَ القيامة)).
واأخرجه الضياء ((الأحاديث المختارة)) (4/ 370/1537) من طريق الطبرانى بإسناده سواءً.
قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون كلهم، غير بكر بن سهل الدمياطى، وهو مقارب الحديث. وقد صرَّح الوليد بن مسلم الدمشقى بالسماع، فانتفت تهمة تدليسه.
وأما عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة، فهو ثقة مشهور، جهل الألبانى ـ طيَّب الله ثراه ـ حاله، فزعم أنه مجهول لم يجد له ترجمة، فوهَّن بناءاً على ذلك روايته بلا حجة بينة، ومن غير استقراء دقيق لحال رواة هذه المتابعة.
والحق أن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة له ترجمة مستفيضة فى ((تهذيب الكمال)) (16/ 358/3686) هذا نصها بتمامها: ((عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة المدني، أخو إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وإخوته، مولى ال عثمان بن عفان. قال ابن حبان في ((كتاب الثقات)): كنيته أبو محمد. روى عن: إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وزيد بن أسلم، وقطن بن وهب، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ومحمد بن المنكدر، والمطلب بن عبد الله بن حنطب. روى عنه: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وحاتم بن إسماعيل، وسليمان بن بلال، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعطاف بن خالد المخزومي، وعمر بن عثمان التيمى، والوليد بن مسلم، ويحيى بن العلاء الرازي.
قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة، وصالح بن عبد الله بن أبي فروة، وعبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة كلهم ثقات، إلا إسحاق أخاهم. وذكره بن حبان في ((كتاب الثقات)). روى له أبو داود في ((المراسيل)) حديثاً واحداً عن المطلب بن عبد الله بن حنطب سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يفرق بين الرجل وبين والده)) اهـ.
وإذ قد بان ذلك، فالحديث ثابت صحيح من كلا طريقيه عن أنس. والحمد لله على توفيقه وعونه.
وأملاه أبو محمد الألفى
وكتبه بكر أولاده محمد أحمد شحاته
¥