قلت: هذا مرسل إسناده ضعيف؛ سعيد بن جبلة ترجم له ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4/ 10)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولم يذكر راوياً عنه سوى الأوزاعي.
وقال محمد بن خفيف الشيرازي– كما في " الميزان " (8/ 115) –: " ليس بذاك عندهم ".
ومع ذلك حسن إسناده ابن حجر في " الفتح " (6/ 115)، وفي " التغليق " (3/ 446)!.
وخالف عيسى والوليد، صدقة، فرواه: عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، مرفوعاً.
أخرجه البزار في " مسنده " – كما في " نصب الراية " (4/ 347) –، والهروي في " ذم الكلام " (54 / أ)، والذهبي في " السير " (16/ 242).
قال البزار: " لم يتابع صدقة على روايته هذه، وغيره يرويه عن الأوزاعي مرسلاً ".
وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1/ 319 / 956): " سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن أبي سلمة عن صدقة ... (فذكره)، قال أبي: قال أبودحيم: هذا الحديث ليس بشيء، الحديث حديث الأوزاعي، عن سعيد بن جبلة، عن طاوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقال الدارقطني في " العلل " (9/ 272): " يرويه الأوزاعي، واختلف عنه فرواه صدقة بن عبدالله بن السمين، وهو ضعيف، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وخالفه الوليد بن مسلم، رواه عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر، وهو الصحيح ".
قلت: صدقة هو ابن عبدالله السمين، ضعفه البخاري، وابن معين، وأبوزرعة، وغيرهم، والذي يظهر في ظني من قول الدارقطني: " وهو الصحيح " أنه المحفوظ وليس مراده تصحيحه، والله أعلم.
ثانياً: حديث حذيفة.
أخرجه البزار (7/ 368 / 2966)، والطبراني في " المعجم الأوسط " (8/ 179 / 8327).
عن محمد بن مرزوق، قال أخبرنا: عبدالعزيز بن الخطاب، قال: أخبرنا علي بن غراب، قال: أخبرنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي عبيدة بن حذيفة، عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من تشبه بقوم فهو منهم ".
قال البزار: " وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن حذيفة مسندا إلا من هذا الوجه، وقد رواه علي بن غراب، عن هشام، عن محمد، عن أبي عبيدة، عن أبيه، موقوفاً ".
وقال الهيثمي في " المجمع " (10/ 271): " رواه الطبراني في الأوسط، وفيه علي بن غراب وقد وثقه غير واحد، وضعفه بعضهم، وبقية رجاله ثقات ".
قلت: علي بن غراب الراجح في حاله ما رجحه ابن حجر، بقوله: " صدوق، وكان يدلس، ويتشيع ".
فلعله دلسه عن ضعيف، وقد رواه موقوفاً على الوجه المحفوظ، كما ذكر البزار.
ومحمد بن مرزوق صدوق، كما قال أبوحاتم، هذا إن كان هو ابن بكير.
وعبدالعزيز بن الخطاب، قال أبوحاتم: " صدوق "، وثقه أبوداود.
وقد توبع ابن سيرين، فتابعه يحيى بن سعيد، عن أبي عبيدة، قال: دعي حذيفة إلى شيء، قال فرأى شيئاً من زي الأعاجم، قال: فخرج، وقال: " من تشبه بقوم فهو منهم ".
أخرجه أحمد في " الورع " (ص 508)، وإسناده صحيح، وهو المحفوظ من هذا الوجه، وله حكم الرفع.
ثالثاًً: حديث أنس.
أخرجه أبونعيم في " أخبار أصبهان " (1/ 129)، والهروي في " ذم الكلام " (54 / أ – ب).
من طريق بشر بن الحسين الأصبهاني، ثنا الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك، مرفوعاً، مثله.
وإسناده ضعيف جداً؛ بشر بن الحسين، قال البخاري: " فيه نظر "، وتركه الدارقطني، وقال أبوحاتم: " يكذب على الزبير ".
رابعاً: مرسل الحسن.
أخرجه سعيد بن منصور في " سننه " (2/ 177 / 2370) عن إسماعيل بن عياش، عن أبى عمير الصورى، عن الحسن، مرفوعاً، مثله.
وهذا مرسل إسناده ضعيف؛ إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده.
وأبوعمير هو أبان بن سليمان ترجم له ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/ 300)، وقال: " من عباد الله الصالحين يتكلم بالحكمة ".
خامساً: عن عمر موقوفاً.
أخرجه عبدالرزاق في " مصنفه " (11/ 453) عن معمر، عن قتادة، أن عمر بن الخطاب رأى رجلاً قد حلق قفاه ولبس حريراً، فقال: " من تشبه بقوم فهو منهم ".
وقتادة لم يسمع من عمر، وله حكم الرفع، وله حكم الرفع.
فيتخلص مما سبق أن حديث حذيفة وحديث عمر لهما حكم الرفع، ولم يشتد ضعفهما، ومرسل طاووس إسناده صحيح إليه، فيرتقي حديث " من تشبه بقوم فهو منهم " بشواهده إلى الحسن لغيره.
وأما: " بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري " فضعيف، والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد، وعلى آله، وصحبه وسلم.
وكتب / أبوالمنهال محمد بن عبده آل محمد الأبيضي.
ليلة الأحد 19 ربيع الأول 1425 هـ، الموافق 8 مايو 2004 م.
¥