ـ[أبو سهل الزياتي]ــــــــ[13 - 11 - 09, 02:49 ص]ـ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله وبعدُ
فمسألة التَّحسين والتَّقبيح من المسائل الَّتي اختلف فيها النّاس على أقوالٍ ثلاثة: ـ
القول الأَوَّل: أَنَّ الحُسْن والقبح إنّما يُدرك بالعقل، فالعقل هو الحاكم بالحسن والقبح، والفعل حَسَنٌ أو قبيح في نفسه إِمَّا لذاته، أو لصفةٍ حقيقيَّةٍ توجب ذلك، أو لوجوهٍ واعتباراتٍ هو عليها.
وهذا القول يقول به المعتزلة ومن وافقهم.
انظر: المغني للقاضي عبد الجبّار 6/ 26، شرح المقاصد 3/ 207، المعتزلة وأصولهم الخمسة للمعتق ص163.
القول الثّاني: أَنَّ الحُسْن والقبح إنّما يُدرك بالشّرع، والعقل لا يدلُّ على الحُسْن أو القبح قبل ورود السّمع، فلا يجب على العباد شيءٌ قبل ورود السَّمع. وبهذا قال الأشاعرة.
انظر: الإرشاد للجويني ص258، شرح المقاصد 3/ 207، الوعد الأخروي 2/ 695.
القول الثّالث: وهو القول الوسط؛ فالتّحسين والتّقبيح للأشياء ليس عقليًّا أو شرعيًّا بإطلاق، فمن الأشياء ما يعلم حُسنها وقبحها بالعقل، ومنها ما يُدرك بالشّرع،ومنها ما يُدرك بهما معًا.
فحسن الصِّدق وقبح الكذب يُدرك بالعقل، وحُسْن التَّطهّر بالتّراب وقبح التّطيّب في حال الإحرام يُدرك بالشّرع، ومن الأشياء ما يُعلم قبحها وحسنها بهما معًا؛ كحسن الصَّلاة، وقبح تعطيل الحدود.
لكن التَّحسين والتَّقبيح للأشياء على وجه التَّفصيل إنّما يُدرك بالشَّرع فقط.
انظر: مجموع الفتاوى 8/ 434، مدارج السَّالكين 1/ 231، الوعد الأُخروي 2/ 702، المعتزلة وأصولهم الخمسة ص167.
جزاك الله خيراً أخي سلطان بن عبيد العَرَابي، فإن كلامك ملخص مختصر لا مزيد عليه، ومع علمي بأن الموضوع مبحوث في كتب الأصول؛ إلا إني أقول: إنه من حيث أصله موضوعٌ عقدي، فلذلك لا حرج- إن شاء الله تعالى- من طرحه في منتدى العقيدة، وللفائدة العلمية، فإن هنالك رسالة ماجستير نوقشت في كلية الشريعة بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، بعنوان: "التحسين والتقبيح العقليين بين أهل السنة والمعتزلة"، مقدمة من الطالبة: هناء البدري إبراهيم، وأجيزت الرسالة بتقدير ممتاز. وقد ناقشتُ الباحثة في ثلاثين موضعاً من الرسالة- بعد أن نوقشت-، وتقبلتها -الباحثة-بصدرٍ رحب، فجزاها الله خيراً، ونفع بها، وزادها في العلم والمعرفة.