تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من هنا يبرز الخطر الأكبر لهذه الاتفاقية، التي هدف واضعوها- وهم من الملاحدة - إلى إلغاء كل التشريعات السماوية واستبدالها بقوانين وضعية تقوم على أهواء أفراد وجماعات، لهذا وتنفيذاً لأهدافهم عمدوا عند صياغة اتفاقياتهم إلى إهمال ذكر الدين ودوره في حياة الفرد، وهذا الأمر يمكن ملاحظته في اتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "، التي تعتبر الترجمة العملية للمؤتمرات التي عقدت للبحث في شئون المرأة، ويمكن ملاحظة هذا الإهمال للدين في النواحي التالية:

1 - الإهمال التام لذكر الله عز وجل، في محاولة للإيحاء بعدم وجود من يسيطر على الكون ويدبر أمره، مما يسهل عليها مهمتها في الطلب من الدول تنفيذ التشريعات الدولية التي تسنها والتي يمكن أن تتعارض مع الدين في حال كان التشريع الديني هو التشريع المعتمد في الدولة، وهذا الإهمال لا يقتصر على لفظ الجلالة فقط بل يمتد إلى كل ما يتعلق بالدين من كلمات وتعابير، حيث يحدث تجاهل تام لذكر كلمات: مثل الدين والديني والأخلاقيات والمثل الخ ... وحتى عندما تذكر فهي تذكر على أنها ممارسات سلبية تضر بحقوق المرأة ويجب العمل على إلغائها، مثال ذلك محاولتها الإيحاء أن قانون الأحوال الشخصية هو الذي يرسخ ويقنن تبعية المرأة للرجل في مسائل الزواج والطلاق والسفر والإرث وغير ذلك من الأمور التي تقف حائلاً في طريق تحقيق المساواة المزعومة.

2 - الحرب على جميع التشريعات الدينية والقيم الأخلاقية والأعراف الشعبية المتبعة لدى الشعوب منذ نشأته، فدعت الاتفاقية الحكومات إلى عدم وضع الاعتبارات الدينية والتقليدية موضع التنفيذ، وذلك كخطوة أولى قبل فرض العمل على استبدالها بالقوانين الدولية، وهذا ما ورد في المادة (2 - و) التي نصت على ما يلي: على الدول "اتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزاً ضد المرأة ".

ما ورد كان أبرز مخاطر هذه الاتفاقية على الدين، إلا أن في الاتفاقية بنوداً تفصيلية عدة تبين السبل المتبعة في هدم هذا الدين الذي يعتبر التشريع الوحيد لعدد كبير من الشعوب.

وفي محاولة لمعرفة أنواع الهدم الداخلي الواردة في الاتفاقية، نقسم الموضوع تبعاً للشعار المرفوع في الاتفاقية المذكورة وفي غيرها من الاتفاقيات التي تختص بالمرأة، وهي "المساواة ـ التنمية – السلام ".

1 - المساواة

أقر الإسلام مبدأ المساواة بين الذكر والأنثى في القيمة الإنسانية، فاعتبر أن الرجل والمرأة متساويان أمام الله عز وجل في الخلقة والتكوين، وهما أيضاً متساويان في الحقوق والواجبات داخل الأسرة وخارجها، فقال تعالى في وصف هذه الحقيقة: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) وجاء في الحديث أيضاً: (النساء شقائق الرجال: لهن ما لهم وعليهن ما عليهم من الحقوق والواجبات).

إلا أن هذه المساواة بين الرجل والمرأة ليست مساواة تامة، فهي لا تشمل التكوين الحيوي (البيولوجي) ولا تشمل الوظائف الطبيعية (الفسيولوجية) التي ينتج عنها اختلاف في التكاليف والأعباء الحياتية، واختلاف في التبعات والمسؤوليات الدنيوية لكل منهما، لأن الله سبحانه وتعالى ذكر هذا الاختلاف في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، ولعل أبرز آية تبرز وجوده هي قوله تعالى على لسان مريم عليها السلام: (وليس الذكر كالأنثى).

فالله سبحانه وتعالى خلق الذكر والأنثى وجعل العلاقة بينهما علاقة تكامل وليست علاقة تماثل، لأن الله عز وجل خص كل من الرجل والمرأة بمميزات خاصة لا بد منها من أجل استمرار الحياة البشرية، فخص المراة بصفات اللين والعطف والحنان وما يتصل بهما من صفات لا غنى عنها في ممارسة وظيفتها المتعلقة بحضانة الأطفال وتربيتهم، بينما خص الرجل بكل صفات القوة والصلابة والخشونة وغيرها من الصفات التي لاغنى عنها لأداء واجبه في السعي لتأمين معيشته ومعيشة عياله، قال تعالى: (ولا تتمنوا ما فضل الله بعضكم على بعض * للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسئلوا الله من فضله، إن الله كان بكل شيء عليما).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير