تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن هذه الحقيقة التي أقرها الإسلام أنكرتها اتفاقية التمييز بمجمل بنودها، ساعية لإثبات مساواة مزعومة ونفي حقائق ملموسة وردَّها إلى أسباب تاريخية واجتماعية، ومن الطرق التي استخدمتها هذه الاتفاقية في إثبات المساواة، مايلي:

1 - رفض الاختلافات بين المرأة والرجل

رفضت الاتفاقية وجود اختلافات بين المرأة والرجل، مدعين أن أسباب هذه الفروقات تعود إلى أسباب تاريخية واجتماعية، وإن الفروقات البيولوجية والطبيعية الموجودة بين الرجل والمرأة (والتي يقرون بوجودها) هي فروقات اجتماعية خاضعة لمنطق التطور وليست طبيعية فطرية منذ بدء الخليقة، فالاختلاف بين الذكر والأنثى ليس شيئاً من صنع الله عز وجل، وإنما هو أمر ناجم عن التنشئة الاجتماعية والبيئية التي يحتكرها الرجل عبر الزمن، فمفاهيم الزوج والزوجة والأبوة والأمومة مفاهيم ناتجة عن الواقع الثقافي والاجتماعي السائد، وهي نتاج تقاليد وتصورات نمطية وأحكام مسبقة.

إن في هذا الكلام محاولة لإثبات نظرية داروين التطورية التي تقوم على التفسير التطوري الطبيعي للخلق، مما يجعل كل أشكال الحياة الموجودة اليوم أشكالاً مرحلية قابلة للتغير مع مرور الزمن.

كما أن ربط الاختلاف بالأساس الثقافي والاجتماعي هو تمهيد لتغيير الشكل الطبيعي للأسرة، مما يؤدي فيما بعد إلى تقبل فكرة أن يكون الرجل أماً، أو أن تكون الأسرة مكونة من رجلين أو امرأتين، من هنا نفهم التركيز الشديد في أدبيات الأمم المتحدة على ضرورة تغيير الأدوار النمطية للعلاقات بين الجنسين.

2 - هدم الأسرة

تتعدد الأساليب التي اتبعتها الاتفاقيات الدولية في حربها على الأسرة التقليدية التي تصورها على أن وجودها بهذا الشكل التقليدي إنما يعود لمرحلة تاريخية زمنية لم تعد تتماشى مع العصر الحالي الذي أصبح أكثر تقبلاً لأشكال الأسرة الجديدة التي لا تفترض تكونها من امرأة ورجل على ما سنبين لاحقاً إن شاء الله تعالى، ومن هذه الأساليب المتبعة في هدم الأسرة التقليدية، الدعوة إلى تغيير الأدوار داخل الأسرة، وإبطال أحكام الميراث.

أ- تغيير الأدوار داخل الأسرة

إن إلغاء الدور الذي يقوم به كل من المرأة والرجل داخل الأسرة هو من أهم سبل الوصول إلى المساواة التي دعت إليها الاتفاقيات الدولية، هذه الاتفاقيات التي رأت أن تقسيم الجنس البشري إلى رجل وامرأة وتخصيص كل منهما بأدوار خاصة تسمى بالأمومة والأبوة هي من الأدوار النمطية التي لابد من الغائها في سبيل الوصول إلى المساواة بين الرجل والمرأة، والمقصود بالأدوار النمطية تلك الأدوار المخصصة لكل من المرأة والرجل، فلم تعد وظيفة الأم هي تربية الأولاد وحضانتهم، ولم تعد وظيفة الرجل مقتصرة على العمل من أجل تأمين المعيشة لأسرته.

إن تكريس هذه المفاهيم الغريبة البعيدة عن ديانات وثقافات الشعوب الموقعة على الاتفاقية دفع بالأمم المتحدة إلى إلزام الدول باتخاذ الخطوات التالية:

1 - حث البلدان الموقعة على الاتفاقية على إيجاد بنية اجتماعية – اقتصادية تفضي إلى إزالة الترغيب في الزواج المبكر، الأمر الذي يتعارض معارضة صريحة مع تعاليم الإسلام التي تدعو إلى الزواج وتحث عليه عند القدرة والاستطاعة، وفي ذلك يقول تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج).

إلا أن منطق هؤلاء غير منطق الإسلام، إذ أنهم بمنعهم الزواج المبكر لا يمنعون العلاقة الجنسية بل هم يعتبرون العلاقة الجنسية أمراً أشمل من الزواج، لذلك نجدهم تشجيعاً للعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج يرفعون ولاية الآباء عن الأبناء من خلال الاحتفاظ لهم بالخصوصية والسرية فيما يتعلق بالصحة الجنسية والتناسلية، ويحمون حق المراهقين والمراهقات في تعاطي الجنس، والاحتفاظ بسلوكياتهم الشخصية في سرية عن آبائهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير