وكذلك من سأل عن العلم والحياة والقدرة والإرادة والنزول والغضب والرضى والرحمة والضحك وغير ذلك فمعانيها كلها مفهومة وأما كيفيتها: فغير معقولة إذ تعقل الكيفية فرع العلم بكيفية الذات وكنهها فإذا كان ذلك غير معقول للبشر فكيف يعقل لهم كيفية الصفات
والعصمة النافعة في هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل تثبت له الأسماء والصفات وتنفى عنه مشابهة المخلوقات فيكون إثباتك منزها عن التشبيه ونفيك منزها عن التعطيل فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطل ومن شبهه باستواء المخلوق على المخلوق فهو ممثل ومن قال: استواء ليس كمثله شيء فهو الموحد المنزه
وهكذا الكلام في السمع والبصر والحياة والإرادة والقدرة واليد والوجه والرضى والغضب والنزول والضحك وسائر ما وصف الله به نفسه " ا. هـ
ـ الإمام ابن أبي العز الحنفي
قال في شرحه للطحاوية:
" ... التصريح بنزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا، والنزول المعقول عند جميع الأمم إنما يكون من علو إلى سفل " ا. هـ
وقال في شرحه للطحاوية أيضا:
" ومن سمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام السلف، وجد منه في إثبات الفوقية ما لا ينحصر ...
ولو لم يتصف سبحانه بفوقية الذات، مع أنه قائم بنفسه غير مخالط للعالم، لكان متصفا بضد ذلك، لأن القابل للشيء لا يخلو منه أو من ضده، وضد الفوقية السفول، وهو مذموم على الإطلاق، لأنه مستقر إبليس وأتباعه وجنوده "
وقال:
" التصريح بالفوقية مقرونا بأداة"من"المعينة للفوقية بالذات، كقوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} "
وقال الإمام ابن أبي العز:
" فله سبحانه وتعالى فوقية القهر، وفوقية القدر، وفوقية الذات ومن أثبت البعض ونفى البعض فقد تنقص، وعلوه تعالى مطلق من كل الوجوه " ا. هـ
ـ العلامة قاسم بن عيسى بْنُ نَاجِي المالكي
قال عن قول ابن أبي زيد بفوقية الذات:
" لَيْسَ هَذَا مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ إطْلَاقِ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ "
كما في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني
ـ وقال الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني الشافعي من علماء القرن السادس في كتابه الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار ج2/ص607:
" - فصل
قد ذكرنا في أول الكتاب أن عند أصحاب الحديث والسنة أن الله سبحانه بذاته بائن عن خلقه على العرش استوى " ا. هـ
ـ العلامة الحافظ عبد الرحمن بن أحمد المعروف بابن رجب ت
قال في كتابه فتح الباري:
" وقد دل القرآن على ما دل عليه هذا الحديث في مواضع، كقوله: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ ([البقرة: 210]. وقال: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ([الأنعام:
158]، وقال: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ (ولم يتأول الصحابة ولا التابعون شيئاً من ذلك، ولا أخرجوه عن مدلوله، بل روي عنهم [ما] يدل على تقريره والإيمان به وامراره كما جاء " ا. هـ
تأمل قوله: " ولا أخرجوه عن مدلوله " فلهذا النصوص مدلول نثبته، ثم بين أن الذي روي عن السلف يدل على تقرير هذا المدلول وهل المدلول إلا المعنى ذاته
إلى أن قال:
" وزعموا أن ظاهر ما يدل عليه الكتاب والسنة تشبيه وتجسيم وضلال، واشتقوا من ذلك لمن آمن بما أنزل الله على رسوله اسماء ما أنزل الله بها من سلطان، بل هي افتراء على الله، ينفرون بها عن الإيمان بالله ورسوله.
وزعموا أن ما ورد في الكتاب والسنة من ذلك - مع كثرته وأنتشاره - من باب التوسع والتجوز، وأنه يحمل على مجازات اللغة المستبعدة، وهذا من أعظم أبواب القدح في الشريعة المحكمة المطهرة، وهو من جنس حمل الباطنية نصوص الإخبار عن الغيوب كالمعاد والجنةوالنار على التوسع والمجاز دون الحقيقة، وحملهم نصوص الامروالنهي على مثل ذلك، وهذا كله مروق عن دين الإسلام.
¥