تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولم ينه علماء السلف الصالح وأئمة الإسلام كالشافعي وأحمد وغيرهما عن الكلام وحذروا عنه، إلا خوفاً من الوقوع في مثل ذلك، ولو علم هؤلاء الأئمة أن حمل النصوص على ظاهرها كفر لوجب عليهم تبيين ذلك وتحذير الأمة منه؛ فإن ذلك من تمام نصيحة المسلمين، فكيف كان ينصحون الأمة فيما يتعلق بالاحكام العملية ويدعون نصيحتمهم فيما يتعلق بأصول الاعتقادات، هذا من أبطل الباطل " ا. هـ

فبين أن الظاهر الذي تدل عليه النصوص هو الذي نثبته ولا نؤوله وأن النصوص في هذا الباب على الحقيقة دون المجاز ونفى بشدة إلغاء هذه الظواهر بل اعتبره من أعظم أبواب القدح في الدين وكل هذا منطوق كلامه

فهل من الصدق في شيء بعد هذا أن يأتي أحد فيزعم أن ابن رجب لا يثبت المعاني الظاهرة؟!!

وقال رحمه الله:

" وقد صح عن ابن عباس أنه أنكر على من أستنكر شيئاً من هذه النصوص، وزعم أن الله منزه عما تدل عليه:

فروى عبد الرزاق في ((كتابه)) عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة: ((تحاجت الجنة والنار) وفيه:

((فلا تمتلي حتى يضع رجله)) - أو قال: ((قدمه - فيها)).

قال: فقام رجل فانتفض، فقال ابن عباس: ما فرق هؤلاء، يجدون رقة عند محكمة، ويهلكون عند متشابهه.

وخَّرجه إسحاق بن راهويه في ((مسنده)) عن عبد الرزاق."

تأمل إنكاره على من يزعم أن الله منزه عما تدل عليه النصوص من المعاني، فهو يدعو إلى إثبات المعاني التي تدل عليها هذه النصوص وهذا مناقض للتفويض

وقال أيضا في الفتح:

" ومن جملة صفات الله التي نؤمن بها، وتمر كما جاءت عندهم: قوله تعالى:

(وَجَاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ) [الفجر:22] ونحو ذلك مما دل على إتيانه ومجيئه يوم القيامة.

وقد نص على ذلك أحمد وإسحاق وغيرهما.

وعندهما: أن ذلك من أفعال الله الاختيارية التي يفعلها بمشيئته واختياره. وكذلك قاله الفضيل بن عياض وغيره من مشايخ الصوفية أهل المعرفة.

وقد ذكر حرب الكرماني أنه أدرك على هذا القول كل من أخذ عنه العلم في البلدان، سمى منهم: أحمد وإسحاق والحميدي وسعيد بن منصور.

وكذلك ذكره أبو الحسن الأشعري في كتابه المسمى بـ - الإبانة -، وهو من أجل كتبه، وعليه يعتمد العلماء وينقلون منه " ا. هـ

فإثباته المجيء والإتيان على أنه من أفعال الله التي تحصل بالمشيئة والاختيار هو من إثبات الصفة بمعناها

الإمام أبو الفداء إسماعيل ابن كثير صاحب التفسير

قال رحمه الله عن كتابات المأمون التي يستحث فيها القضاة على امتحان الناس بالقول بخلق القرآن:

" ومضمونها الاحتجاج على أن القرآن محدث وكل محدث مخلوق، وهذا احتجاج لا يوافقه عليه كثير من المتكلمين فضلا عن المحدثين، فإن القائلين بأن الله تعالى تقوم به الافعال الاختيارية لا يقولون بأن فعله تعالى القائم بذاته المقدسة مخلوق، بل لم يكن مخلوقا، بل يقولون هو محدث وليس بمخلوق، بل هو كلام الله القائم بذاته المقدسة، وما كان قائما بذاته لا يكون مخلوقا، وقد قال الله تعالى (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) وقال تعالى (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) فالأمر بالسجود صدر منه بعد خلق آدم، فالكلام القائم بالذات ليس مخلوقا، وهذا له موضع آخر.

وقد صنف البخاري كتابا في هذا المعنى سماه خلق أفعال العباد " ا. هـ

تأمل هذا المعنى الذي أثبته الإمام ابن كثير وانتصر له وتأمل قوله: " فالأمر بالسجود صدر منه بعد خلق آدم " وكذا الاستدلالات القرآنية الأخرى منه رحمه الله

وهذا المعنى من إثبات كون أفعاله تعالى هي منه غير مخلوقة وأنها قائمة به خلافا للأشاعرة الذي يحكمون على أفعال الله بأنها مخلوقة على أنها هي نفسها مفعولاته تعالى الله عما يقولون وما أدري كيف عقلوا أن الفعل هو المفعول؟!!

وهذا المعنى الذي أثبته ابن كثير من كون هذه الأفعال القائمة بذاته إنما تحصل باختياره ومشيئته فليست كلها قديمة وهي صفات له

كل هذا هو تحقيق لمعاني الصفات الفعلية وهذا تنكره عامة الأشاعرة وهو مناقض للتفويض.

وقال الإمام ابن كثير في تفسيره:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير