تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" ... ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نزيد عليها ولا ننقص منها، ولا نفسرها ولا نكيفها ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية، ولا نشير إليها بخواطر القلوب ولا بحركات الجوارح، بل نطلق ما أطلقه الله عز وجل ونفسّر ما فسّره النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون والأئمة المرضيون من السلف المعروفين بالدين والأمانة، ونجمع على ما أجمعوا عليه، ونمسك عن ما أمسكوا عنه، ونسلم الخبر الظاهر والآية الظاهرة تنزيلها، لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والملحدة والمجسمة والمشبهة والكرامية والمكيفة، بل نقبلها بلا تأويل ونؤمن بها بلا تمثيل، ونقول: الإيمان بها واجب، والقول بها سنة، وابتغاء تأويلها بدعة ..

فنفى رحمه الله تفسير الصفات وقرنه بالكيف مبينا مراده من التفسير هنا، وأثبت الترجمة عن معاني الصفات بلغة العرب وأقرها، ففرّق بين تفسير الكيف وبين الترجمة عن معاني الصفات.

فترجمة الصفة ترجمةً قائمةً على مجرد أصل المعنى هو غير تفسيرها المنفي الذي بمعنى التكييف

ثم قرر أن تفسير الصفات على ضوء تفسير الصحابة والتابعين وأئمة السلف هو السنة المتبعة، وبين بما أعقبه أنه تفسير مقيد بالمعنى الظاهر للنصوص

وهذا النوع من التفسير المثبت مقابل للنوع الأول من التفسير المنفي.

ثم نزهه من تأويلات المعتزلة والأشاعرة والجهمية

فتبين من كلامه هذا معنى التفسير المنفي والتفسير المثبت حتى لا يخلط مخلّط بينهما.

وبنحو هذا المعنى الذي دندنا عليه هنا بعيدا عن مصطلح التفسير ما نقله العلامة محمد أنور الكشميري، في كتابه: " العرف الشذي " حيث قال:

" واعلم أن المشابهات مثل نُزول الله إلى السماء الدنيا، واستواءه على العرش، فرأى السلف فيها الإيمان على ظاهره، ما ورد إمهاله على ظاهره بلا تأويل وتكييف، ويفوض أمر الكيفية إلى الله تعالى،ويتوهم من جامع الفصولين وهو من معتبراتنا النهي عن الترجمة اللغوية أيضاً للمتشابهات، لكنّ (قريحتي) يحكم أن النهيَ عنه تفسيرُها لا ترجمتها تحت الألفاظ من الحقوق واليد والوجه وغيرهما " ا. هـ

فنقل التفريق بين التفسير [الذي هو تفصيل مقارب للتكييف]

وبين الترجمة المراعية للألفاظ وهو عين ما ذكره الإمام ابن سريج لكنه عند ابن سريج بصورة أوضح

ثم أعقب العلامة الكشميري هذا الكلام بشرحه لتفويض السلف ومرجحا أنه مرادهم بالتفويض قائلا عنه:

" تفويض التفصيل والتكييف إلى الله تعالى والإنكار على من تأول برأيه وعقله " ا. هـ

فأثبت بهذا ما ذكرناه من التفريق بين التفصيل في المعنى وهو نوع من التفسير فهو المنفي والمفوض في عبارات السلف، وبين المعنى المجمل الذي يمثل المعنى الظاهر الذي هو من قبيل الترجمة وهو نوع من التفسير فهو المثبت

ب ـ استعمال التفسير بمعنى التفصيل في النفي وهو التأويل

فعن الأثرم قال:

قلت لأبي عبد الله: حدث محدث وأنا عنده بحديث: " يضع الرحمن فيها قدمه " وعنده غلام، فأقبل عليَّ الغلام فقال: إن لهذا تفسيرا فقال أبو عبد الله: انظر كما تقول الجهمية سواء.

نقله الإمام الذهبي في العلو عن الأثرم، ورواه ابن بطة قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء ثنا أحمد بن عبد الله بن شهاب ثنا الأثرم فذكره

فالأثر صريح في أن الإمام أحمد سمى تأويل الجهمية تفسيرا وهو موافق للمعنى اللغوي لأن التأويل في حقيقته تفصيل في النفي وهذا باعتراف المفوضة، والتفصيل هو معنى التفسير.

وكذا قال الإمام الحميدي في رسالته:

" وما نطق به القرآن والحديث مثل قوله تعالى: " وقالَتِ اليَهُودُ يدُ اللَّه مَغْلُولةً غلّت أيْديهم ولُعِنُوا بما قَالُوا بَلْ يَدَاه مَبْسُوطتان " سورة المائدة آية 64. ومثل قوله تعالى: " والسّمواتُ مَطْوياتٌ بيَمينه " سورة الزمر آية 67. وما أشبه هذا من القرآن والحديث لا نزيد فيه ولا نفسّره، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة ونقول: " الرحمنُ على العرش استوى "، ومن زعم غير هذا فهوِ مُبْطِلٌ جهميٌّ.

تأمل يريد تفسير الجهمية الذي هو التأويل بدليل قوله:

" ولا نفسره ... ومن زعم غير هذا فهو مبطل جهمي " ا. هـ

والتفسير الذي عليه الجهمية هو التأويل بلا خلاف، ولا شك أن عامة تأويلات الجهمية قائمة على التفصيل في النفي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير