وحين نعود إلى الفقه المالكى نجد أنه قد تواردت كلماته على هذه القاعدة فى شأن الطلاق، واختلفت فى بيان الأمثلة بين مقل ومكثر، فهى أمثلة للقاعة لا حصر لأحكامها ومدى انطباقها، بل ذلك إلى حوادث الزمن ومقتضيات الأحوال، ففى هذا الفقه ولها التطليق طلقة بائنة بثبوت الضرر وإن لم يتكرر، ومثلوا له بقولهم كقطع كلامه عنها أو تولية وجهه عنها فى الفراش (حاشية حجازى على شرح مجموع الأمير ج- 1 قبيل الخلع (وحين ردد بعض هذه الكتب أن الزوج بأخرى أو التسرى ليس من باب الضرر، اكتفت كتب أخرى بالتسرى فقط كمثال لما لا يكون إضرارا بالزوجة - ففى مواهب الجليل شرح مختصر خليل ج- 4 صفحة 17 وعلى هامشه التاج والإكليل (ولها التطليق للضرر قال ابن فرحون فى شرح ابن الحاجب.
من الضرر قطع كلامه عنها، وتحويل وجهه فى الفراش عنها، وإيثار امرأة عليها وضربها ضربا مؤلما وليس من الضرر منعها من الحمام والنزاهة وتأديبها على ترك الصلاة ولا فعل التسرى) انتهى - وفى ذات الصفحة فى الهامش فى كتاب التاج والإكليل بعد نقل مثال ما سبق (وأنظر إذا كان لها شرط فى الضرر قال فى السليمانية إذا قطع الرجل كلامه عن زوجته أو حول وجهه عنها فى فراشها فذلك من الضرر بها ولها الأخذ بشرطها.
وقال المتيطى إذا ثبت أنه يضر بزوجته وليس لها شرط فقيل إن لها أن تطلق نفسها وإن لم تشهد البينة بتكرار الضرر، قال ويستوى على القول الأول من شرط الضرر ومن لم يشترط).
هذه قاعدة فقه مالك فى الضرر وفقهاء المذهب بين مقل ومكثر فى الأمثلة ومن هنا وعلى هدى ما تقدم قالت المذكرة الإيضاحية أن نص هذه المادة تخريج على قواعد أهل المدينة، وفرق بين التخريج والنص ثم فقه الإمام أحمد بن حنبل قد أجاز للمرأة أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها، فإذا اشترطت وتزوج فلها فراقه.
وقد جاء فى كتاب المغنى لابن قدامة فى هذا الموضع ص 448 ج- 7 بعنوان مسألة.
وإذا تزوجها وشرط لها ألا يخرجها من دارها وبلدها فلها شرطها لما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج) وإن تزوجها وشرط لها أن لا يتزوج عليها فلها فراقه إذا تزوج عليها.
وبعد أن تحدث ابن قدامة فى الشروط فى النكاح وبيان المخالفين والمذاهب فى هذا الموضع قال ص 449 وقولهم إن هذا يحرم الحلال قلنا لا يحرم حلالا وإنما يثبت للمرأة خيار الفسخ إن لم يف لها.
وقولهم ليس من مصلحته (أى العقد) قلنا، لا نسلم ذلك فإنه من مصلحة المرأة وما كان من مصلحة العاقد كان من مصلحة عقده.
وبعد أرأيت أن دعوى مخالفة نص المادة 6 مكررا للكتاب والسنة وإجماع الأمة وأنه محرم لما أحل الله دعوى لاسند لها، وأن قاعدتها جاءت تخريجا صحيحا على قواعد إمامين جليلين مالك وأحمد بن حنبل، بل إن فقه مالك - كما سبق - يجيز للزوجة فى حال الضرر وثبوته الطلاق ولو لم تشترطه.
أما أن هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون فإنه قول حق أريد به غير الحق، فإن أولئك كانوا عدولا أوهم العدل يتزوجون علانية بل يزوج أحدهم أخاه ابنته أو أخته وترضى الأولى أو الأوليات شأن البيئة والعادة، فإذا امتد الزمن وجاءت زوجة لا ترضى أن تكون لها ضرة قلنا لزوجها بل أمسكها وقلنا لها لا، بل من الحتم أن تكون لك هذه الضرة، ونهدى قواعد الإسلام فى دفع الضرر والإضرار لا ضرر ولا ضرار وعموم الآية {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا} البقرة 231، فليس من العشرة بالمعروف إمساك الزوجة بالرغم عنها، وليس كل زوجة تقبل أن تكون لها شريكة فى زوجها، لأن الضرر هنا معياره شخصى، ولما كانت المرأة سريعة الانفعال فقد وقت القانون مدة تتروى فيها الزوجة وتهدأ عاطفتها، وقد يذهب غضبها فتستقر مع زوجها.
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[07 - 07 - 09, 11:11 م]ـ
يحق للزوجة أ نتطلب الطلاق بمجرد وقوع شقاق أو ضرر من قبل الزوج عليها سواء أكان بالمعاملة أم بالفراش أم بالتزوج عليها, ولكن هل يصح عقد الزواج الثاني كونه مخالف لشرط وجد في عقد الزوجة الأولى