[الوصية الواجبة: فتوى للشيخ عبد القادر الخطيب الحسني]
ـ[أبو عبد الله ابراهيم]ــــــــ[19 - 06 - 09, 08:32 م]ـ
الوصية الواجبة
الحمد لله رب العالمين الصلاة السلام على رسوله الأمين على آله وأصحابه أجمعين وبعد:
فإن كثيرا من الناس يسأل عن حكم الوصية الواجبة التي نص عليها عدد من قوانين الأحوال الشخصية في العالم الإسلامي ومنها القانون السوري في المادة 257 منه, ومضمونها: أن من توفي وله أولاد ابن وقد مات ذلك الابن قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله المتوفى ,على أن لا يتجاوزذلك ثلث التركة, وهذا في حال عدم إ عطاء الجد لهؤلاء الأحفاد في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية, أو إيصائه لهم كذلك.
ويرى بعض علماء الشريعة في الوصية الواجبة حكما من غير دليل خالف فيه القانون الشرع, لأن المذاهب الأربعة لم تنص عليها , ويقوم البعض بالطعن على القانون وواضعيه , مع أن واضعي القانون هم من علماء الشرع العدول المعروفين بالخبرة في العمل القضائي والبحث الفقهي العلمي، كواضع المشروع الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله قاضي دمشق وقتئذ،وكعضو اللجنة التي أقرته الفقيه الكبير الشيخ مصطفى الزرقا الأستاذ بكلية الحقوق, وقد استندوا أيضاً إلى قانون الوصية المصري الصادر عام:1945م قبل القانون السوري بثماني سنوات وقد أقره وأيده جمهرةٌ من فقهاء العصر كالشيخ محمد أبو زهرة رحمهُ الله.
وقد ذكر في المذكرة الإيضاحية للقانون: أن الأصل في الوصية الواجبة آية: {كتب عليكم إذا حضر أحدَكم الموتُ إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين.} على أنها غير منسوخة بالكلية خلافاً للجمهور, وأن المنسوخ منها هو: وجوب الوصية للأقربين الوارثين بآية سورة النساء, أما الأقارب غير الوارثين فيبقى أمرهم على الوجوب،وهو قول بعض التابعين والظاهرية واختيار بعض المفسرين, والقول بإعطاء جزء من مال المتوفى للأقربين غير الوارثين على أنها وصية وجبت في ماله إذا لم يوص لهم هو مذهب ابن حزم الظاهري وبعض فقهاء التابعين ورواية عن الإمام أحمد, وأخذاً من قاعدة مقررة عند الحنفية وغيرهم من أن أمر الإمام بالمندوب أو المباح يجعله واجباً.
وعليه فقد أخذ القانون بهذا المذهب لمعالجة قضية حرمان الحفدة من ميراث جدهم أو جدتهم وهناك أعمام لهم وهم المعروفون بأولاد المحروم , وخرّج عليه الوصية الواجبة وقصرها على أولاد الابن المتوفى في حياة أبيه سدا لهذه الحاجة التي تفاقمت في هذا العصر، فكان أصل المسألة مخرجا على هذا القول، وكان تفريعها وتكييفها المعاصر أمرا اجتهاديا من واضعي القانون.
والحاصل الآن عندما يتوفى الجد بعد وفاة الأب أن الأعمام المتضررين من تقرير الوصية الواجبة لأبناء أخيهم المتوفى قبل أبيه بحكم القوانين الشرعية يسعون بكل الوسائل للحيلولة دون تناول الأحفاد لهذه الوصية ,وأهم هذه الوسائل الضغط النفسي والاجتماعي الشديد الممارس على الأحفاد , أو على من يتولى شؤونهم لحملهم على التنازل عن الوصية بحجة أنهم يتناولون مالا حراما لا يحل لهم , وأن حكم القاضي بالقانون الشرعي خارج عن الشرع فهو باطل من هذا الوجه, ويستعينون في ذلك بالفتاوى التي توافقهم من العديد من الشيوخ الذين لا يتوانون عن الإفتاء ببطلان الوصية ,ومهاجمة القانون وواضعيه , بحجة أن الشرع لم يورث هؤلاء , وأكثرهم غير واقف على التكييف الفقهي للمسألة في القانون وأنها وصية لاميراث , وأن لها أدلة وشروطا ومآخذ, والجميع حريص على الشرع وعدم انتهاك حرماته.
وغالبا ماينتهي الصراع بين الأحفاد والأعمام لمصلحة الأعمام, مع تركز النزاع غالبا حول العقارات وما شابهها, أما الأموال النقدية فإنها غالبا لا تدخل في النزاع, لأنها تقع تحت سيطرة الأعمام فيقتسمونها فيما بينهم ولا تظهر في التركة.
¥