[مسألة اختلاف المطالع]
ـ[الشوربجي السلفي]ــــــــ[05 - 08 - 09, 03:48 م]ـ
إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلي الله عليه وعلى آله وسلم. أَمَّا بَعْدُ:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
أَمَّا بَعْدُ:
فمسألة اختلاف المطالع يقع بسببها كثير من الخلاف، و هذا الأمر اختلفت فيه الأنظار، ولم تُراعَ فيه الحكمة.
مسألة اختلاف المطالع: وهل لأهل كل بلد رؤيتهم أم أنه إذا ثبتت رؤية الهلال في بلد فقد وجب على جميع المسلمين في جميع عموم الأرض أن يصوموا لرؤية من رأى ولثبوت الرؤية عند من ثبتت الرؤية عنده؟
هذا الأمر - وهو اختلاف المطالع - يحدث بسببه خلل كبير، لا يكون واضحا في بدء الشهر؛ لأن الإنسان يمكن أن يصوم ومَن حوله من أهل الإفطار ولا يُشعر به، وحتى لو شعر به غيره فإن ذلك لا يؤدي إلى كبير خلل، ولكن يقع الخلل ويقع التفريق بين الأمة في آخر الشهر؛ لأنه يصبح مفطرا في عيد, والناس من حوله في صيام؛ فيقع خلل كبير جدا، يخرج مكبرا ومهللا في الشوارع والطُّرقات, ويجتمع من هنالك من أهل السنة, يخرجون من أجل أن يجتمعوا في ساحة من الساحات, يخطب فيهم واحد منهم بعد أن يصلي بهم، يقول: نحن اليوم في عيد، وهؤلاء يعصون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم يصومون في يوم العيد، وصيام يوم العيد محرم - كما هو معلوم -!
يظهر الخلل لا في أول الشهر وإنما في آخر الشهر.
مسألة اختلاف المطالع تكلم فيها العلماء سلفًا وخلفًا، وعندنا فيها كلام شيخ الإسلام رحمة الله عليه بعد كلام عبد الله بن عباس في حديث كُرَيب، وهو يُدفع!
حتى يُدفع بقول القائل: هذا من اجتهاده لا من نص رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم!
وحينئذ يُرد اجتهاد ابن عباس رضي الله عنهما لاجتهاد فلان وفلان!
فأي حسرة هذه تنزل في القلوب؟!!
فعندنا كلام عبد الله بن عباس بعد الواقع المشاهد من فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وأن الأمة لم تجتمع لا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, ولا في عهد بعده إلى يوم الناس هذا على رؤية واحدة.
يعني: حتى الذين يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم توجه إلى عموم الأمة بقوله: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته) يقولون: هذا الخطاب موجه لعموم الأمة.
هل كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا اعتمد الرؤية يعلم بذلك أهل مكة من ليلتهم حتى يصوموا لصيامه ويفطروا لفطره صلى الله عليه و سلم؟!!
هل ثبت ذلك؟ وكيف كانوا يعلمون؟
ثم لما اتسعت الفتوحات بعد، هل كان أهل الأندلس وأهل المغرب الأقصى، وأهل الشمال من أقصى الأرض, وكذلك أهل الجنوب عند اليمن, وكذلك في أدغال إفريقية، وكذلك في الهند عند الهنود، هل كان ذلك يُتعالم به ويعلمه الناس إذا ما ثبت في صُقعٍ من أصقاع الأرض؟
هل عُمل بذلك في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ أو في عهد بعده إلى يوم الناس هذا؟
فإذا؛ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما يقول: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته) ينبغي أن تُفهم، وقد ذكر فهمَه لها - وهو فهم السالفين من السلف الصالحين - الشيخ صالح العثيمين رحمة الله عليه, ويأتي ذكر ذلك.
هذه المسألة من المسائل المهمة التي وقع التشدد فيها، والتي وقع التمسك بها من جانب من يقول بأن رأي الجمهور وهو: أن الخطاب موجه لعموم الأمة؛ فعلى الأمة جميعا إذا ما ثبت الشهر في أرض من أرض الله رب العالمين - تدين بدين رب العالمين - أن يأخذ جميع أهل الأرض من المسلمين في عموم أصقاع الدنيا برؤية من رآه، الذين يتمسكون بهذا ويقولون به يحدث بسبب تمسكهم خلل كبير جدا.
هم يقولون: ينبغي أن نوحد الأمة.
نعم!
توحدون الأمة بتفريقها!!
وتوحدون الأمة بتمزيقها!!
وتوحدون الأمة بتشتيتها!!
¥