أما شاهد حديث أبي هريرة فهو من حديث ابن عمر. أخرجه البخاري في " صحيحه " تعليقاً (6/ 78 ـ 79 عمدة) ووصله ابن خزيمة (1/ 318 ـ 319) وأبو داود كما في " أطراف المزي " (6/ 156).والطحاوي " شرح المعاني " (1/ 254) وكذا الدارقطني (1/ 344) والحاكم (1/ 226) والبيهقي (2/ 100) والحازمي في " الاعتبار " (ص 160) وأبو الشيخ في " الناسخ والمنسوخ " كما في " التعليق " (ق 77/ 1) للحافظ، من طريق الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه. وقال: " كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك" ((ج)). قال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي. وهو كما قالا ((د)).
أما البيهقي فقال: " كذا قال عبد العزيز ولا أراه وهماً " يعني رفعه فتعقبه ابن التركماني: " حديث ابن عمر المذكور أولاً أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " وما علله به البيهقي من حديثه المذكور فيه نظر لأن كلاً منهما معناه منفصل عن الآخر.
وحديث أبي هريرة المذكور أولاً دلالته قولية وقد تأيد بحديث ابن عمر فيمكن ترجيحه على حديث وائل لأن دلالته فعليه على ما هو الأرجح عند الأصوليين " اهـ.
قلت: هذا حديث ابن عمر ((هـ)) الذي هو شاهد حديث أبى هريرة وهو حسن بانضمامه إلى سابقه كما ترى فلننظر في شواهد حديث وائل بن حجر.
الشاهد الأول:
حديث أنس: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه. " أخرجه الدار قطني (1/ 345) والحاكم (1/ 226) والبيهقي (2/ 99) وابن حزم في " المحلي " (4/ 129) والحازمي في " الاعتبار " (ص 159) من طريق العلاء من إسماعيل العطار ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحوال عن أنس به.
قال الدارقطني وتبعه البيهقي: " تفرد به العلاء بن إسماعيل عن حفص بهذا الإسناد ".
وقال الحافظ في " التلخيص " (1/ 254): " قال البيهقي في " المعرفة " تفرد به العلاء وهو مجهول ". وأقر ابن القيم ذلك!.
أما الحاكم فقال: " صحيح على شرط الشيخين " ((و)) ووافقه الذهبي!! وهذا عجب، فقد عرفت علة الحديث.
ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه في " العلل " (1/ 188): " حديث منكر " وأقره في " الزاد "!.
قلت: ومما يدل على نكارة هذا الخبر ما أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (1/ 256) من طريق عمر بن حفص بن غياث ثنا أبي الأعمش قال حدثنى إبراهيم عن أصحاب عبد الله: علقمة والأسود قالا: " حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير ووضع ركبتيه قبل يديه "!.
فأنت ترى أن عمر بن حفص وهو من أثبت الناس في أبيه قد خالف العلاء فجعله عن عمر لم يتجاوزه فهذه علة أخرى. وقد أقرها الحافظ في " اللسان " فقال: " وقد خالفه عمر بن حفص بن غياث وهو من من أثبت الناس في أبيه فرواه عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة وغيره عن عمر موقوفاً عليه. وهذا هو المحفوظ " اهـ.
ثم إن العاقل لو تأمل الأثر الوارد عن عمر رضي الله عنه لوجد أنه حجة لنا لا علينا. وذلك أنه قرر أن عمر كان يخر كما يخر البعير، ثم وضح الكيفية فقال: " يضع ركبتيه قبل يديه " ونحن مأمورون أن نخالف البعير فوجب وضع اليدين قبل الركبتين وهذا بين لا يخفى على المنصف إن شاء الله تعالى. ولست أدري كيف أورده شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ في " الزاد " محتجاً به؟!
ثم هب أن حديث أنس رضي الله عنه يكون صحيحاً فإنه لا حجة فيه لأمرين كما قال ابن حزم:
الأول: أنه ليس في حديث أنس أنه كان يضع ركبتيه قبل يديه، وإنما فيه الركبتان، واليدان فقط، وقد يمكن أن يكون السبق في حركتهما لا في وضعهما فيتفق الخبران.
الثاني: أنه لو كان فيه وضع الركبتين قبل اليدين لكان ذلك موافقاً لمعهود الأصل في إباحة ذلك ولكان خبر أبي هريرة وارداً بشرع زائد رافعٍ للإباحة السالفة بلا شك ناهية عنها بيقين ولا يحل ترك اليقين لظن كاذب!.
الشاهد الثاني:
حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: " كنا نضع قبل اليدين الركبتين فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين " وقد تقدم شرح علته.
الشاهد الثالث:
حديث وائل بن حجر: " صليت خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم سجد فكان أول ما وصل إلى الأرض ركبتاه ".
¥