تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فان قلت: فهل خففت لعلّ،كما خففت إنّ و أنّ ولكن؟

فالقول في ذلك أن لعل إنما هو: علَّ،واللام فيه زيادة، على حد زيادتها في قراءة سعيد بن جبير: (إلا أنهم ليأكلون الطعام)،وعلى حد ما انشده احمد بن يحيى:

مرّوا سراعاً فقالوا: كيف صاحبكم قال الذي سألوا أمسى لمجهودا

وقد جاء بلا لام، قال جرير:

علّ الهوى من بعيد أن يعر به أمّ النجوم ومرُّ القوم بالعيس

فهو على أوزان الفعل،كان وانّ،ودخول اللام عليها، كدخول الكاف في كأن، ألا إن معنى التشبيه في كأن بالكاف قائمٌ.

وعلى التخفيف يحمل ما انشده أبوزيد (كعب بن سعد الغنوي) من قول الشاعر:

فقلت ادع أخرى وارفع الصوت دعوة لعلًّ أبي المغوار منك قريب

إن فتحت اللام، اوكسرت، فوجه الكسر ظاهرٌ، وأما الفتح؛ فان لام الجر يفتحها قوم مع المظهر،كما تفتح مع المضمر فإنما خفف لعلّ، واضمر فيه القصة والحديث،كما اضمر في أن و إن، والتقدير: لعله لأبي المغوار منك قريب، أي جواب قريب، فأقام الصفة مقام الموصوف .... (38)

• باب من الجمع بالواو والنون:

قال الشاعر: (السفاح بن بكير بن معدان اليربوعي)

إن يك لا ساء فقد ساءني ترك أُبَيْنيك إلى غير راعْ

لا يخلو قولهم: أبينون،في تحقير،أبناء، من أن يكون مقصوراً من أفعال أو تحقير افعُل، أو يكون اسماً صيغ في التحقير.

فلا يجوز أن يكون مقصوراً من أفعال، لأنّ أفعال لم يُقْصَر في موضع غير هذا،

فلا يستقيم أن تدّعي فيه شيئاً لا نظير له، وقد خولف فيه، ولم يجيء في شيء،كما جاء أسدٌ وأسْدٌ ونحوه.

ولا يستقيم أيضاً أن يكون تحقيرَ افعُل، وان كان افعُل مثل أفعال، في أن كل واحد منهما للعدد القليل ...... (39)

* باب من لحاق النون الفعل المضارع للجمع أو لعلامة الرفع:

قال الشاعر: (جرير)

إناّ قصدناك نرجو منك نافلةً من رمل يبرين ان الخير مطلوبُ

اعلم أن قولهم لجماعة من النساء: انتن تريْن، النون فيه علامة الضمير، فلا يحذف في موضع الجزم والنصب، وعلى هذا قوله عزّ وجل: (إلاّ أنْ يأتين بفاحشةٍ مبيّنةٍ) و (إلاّ أنْ يعفون)، ولو قلت للواحدة من النساء: أنت ترين، لكان صورة اللفظ في الواحدة كصورة اللفظ في جماعتهن، إلا انك تحذف النون، للجزم والنصب ن من فعل الواحدة ن ولا تحذف من الفعل المسند إلى جماعتهن.

فأما قولهم: يبرين، فليس بيفعِلْن، من برى يبري، مثل يرمين ولكن ياؤه فاء، فلا يجوز أن يكون للمضارعة، ألا ترى انه لو كان مثل يرمين، لكن وزنه يفْعِلن، في فعل جماعة النساء وفي قولهم: يبرون، دلالة على انه ليس بيفْعِلن، لأنّها لو كانت يفعلن،للزم أن تنقلب الياء التي هي اللام،واواً، والياء إذا كانت لاماً لم تنقلب، في هذا النحو،إلى الواو، وإنما ينقلب ما كان زيادةً دون ما كان لاماً.

فهذه النون إنما ينقلب ما قبلها، فيصير مرةً ياءً، ومرةً واواً، إذا كانت زائدة، فإذا جُعلت النون حرف إعراب، وحُرِّكت بما تحرّك به لام الفعل، وعلى هذا: الأربعين، وآخرين، وسنين، فأما إذا كانت الياء أو الواو التي قبلها لام فعل، فانّ، ذلك لا يكون فيه، ألا ترى أنّ فلسطين، وقنّسرين، ونصيبين، ليس في شيء منه ما قبل نونه لام فعل ٍ ....... (40)

وهناك العديد من المسائل التي ذكرها في هذا الكتاب الذي يزخر بثروة لغوية كبيرة، جمعها هذا العلاّمة والشيخ الجليل أبو علي الفارسي، ولابد هنا من الإشارة إلى كتاب (الخصائص) لابن جني، الذي يعد من أهم الكتب في اللغة، إذ أورد فيه آراءً كثيرةً لأستاذه الفارسي والذي لزمه فترة طويلة من حياته.

وفي الختام، أسأل الله أن أكون قد وفقت في تسليط الضوء في هذا البحث ولو بشيء يسير على هذا العلامة النحوي الجليل أبي علي الفارسي، والدور الكبير الذي قام به في مجال القياس النحوي، وما تركه لنا ثراء لغوي نهتدي إليه إن ضللنا، والله المستعان.

الهوامش:

(1) الخصائص ج1، صفحة 301

(2) في أصول النحو، صفحة 86، انظر بغية الوعاة صفحة 282

(3) في أصول النحو، صفحة 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114

(4) أصول التفكير النحوي،صفحة 13

(5) لمع الأدلة،صفحة 40

(6) لمع الأدلة، صفحة 49، 50

(7) الخصائص ج1 صفحة 301

(8) أصول التفكير النحوي، صفحة 76

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير