تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الفرق بين (عبيد) و (عباد)]

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[28 - 01 - 06, 02:05 م]ـ

هل هناك فرق ولو دقيق بين (عبيد) و (عباد) جمعين لكلمة (عبد)؟

والمطلوب هو الفرق المعنوي لأن الفرق البنائي موجود واضح

وهو أن جمع فَعْل على فَعِيل نادر ووزن فعيل جملة في الجمع نادر بخلاف وزن (فِعَال)،

ولكن هل يفترق معنى (عبيد) و (عباد) أو يتفقان؟

لم أجد في شيء من كتب اللغة تفريقا

وادعى بعض المتصوفة أن (العباد) أخص من العبيد، فالأولى للمقربين والثانية العامة

واستشد بقوله تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} وقوله تعالى: {وما ربك بظلام للعبيد}.

قلت:

وهذا الاستدلال فيه نظر؛ لأن الشيطان ليس له سلطان على جميع الناس،

كما قال تعالى: {وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي}

وأما الآية الثانية فقد قال تعالى: {وما الله يريد ظلما للعباد}، ولم يقل أحد إن الله لا يظلم الخواص من عباده دون العامة.

وهناك آيات أخرى تدل على عدم اختصاص (العباد) بما ذكر،

منها قوله تعالى: {والله بصير بالعباد}

وقوله تعالى {يا حسرة على العباد}

وقوله تعالى {ولو بسط الله لعباده الرزق لبغوا في الأرض}

وقوله {وقليل من عبادي الشكور}

وقوله {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} وغير ذلك من الآيات،

فدل ذلك على ضعف التفريق المذكور لا سيما وليس معه دليل سوى مجرد الدعوى.

يقول الدكتور عمر فروخ [كما في العدد 51 من مجلة المجمع اللغوي القاهري]:

((الدكتورس أرنست برغمن ... أبدى ملاحظة أسِفَ فيها على أن المسلمين يسمون أولادهم أسماء تتصدرها كلمة (عبد) بمعنى الرقيق المملوك ... وحاولت أن أبسط له أن كلمة (عبد) إذا جمعت على عباد يصبح لها معنى غير المعنى الذي لها إذا هي جمعت على (عبيد) ... )).

قلت:

هذا كلام واضح الخطأ ولسنا نحتاج لهذا الدفاع المتكلف أمام هذا المستشرق، فإنه لا شرف أشرف من أن تكون عبدا لله فليست كلمة (عبد) في ذاتها ذلا، وإنما الذل أن تضاف لإنسان.

أما أن تضاف إلى رب الأرض والسماوات فهذا هو الشرف كل الشرف، كما قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا}

قال بعض العلماء ما معناه: لو كان هناك من وصف أشرف من العبودية لوصف الله نبيه به لأن هذا الموطن أشرف المواطن.

ولا أدري من أين أتى هذا الدكتور بمثل هذا التفريق المدعى {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}

ثم إن ما أراد أن يفر منه موجود في المفرد أيضا فكيف المحيص عنه، فالمفرد عبد في المعنيين المزعومين ولم يقدح ذلك في الأمر بزعمه، ولكنه يقدح في الجمع!!

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[07 - 03 - 06, 08:26 ص]ـ

ثم وقفت على هذا الكلام للدكتور محمود الطناحي في كتابه (في اللغة والأدب دراسات وبحوث ص 591 - 595):

((العبيد والعباد

يعرف بعض اللغويين (العبد) بأنه المملوك أو خلاف الحر، لكن صاحب العين يقول: العبد: الإنسان؛ حرا أو رقيقا، هو عبد الله. ويزيد ابن سيده فيقول: يذهب بذلك إلى أنه مربوب لباريه عز وجل.

والعبد في أصل وضعه صفة، قالوا: رجل عبد، ولكنه استعمل استعمال الأسماء. ذكره سيبويه.

قال الفيومي: واستعمل له جموع كثيرة، والأشهر منها: أعبد وعبيد وعباد.

...

قلت: وقد شاع من هذه الثلاثة الجموع اثنان فقط، هما العبيد والعباد، ثم غلَّب العرف والاستعمال العباد خاصا بالله تعالى، ومضافا إليه، ويشترك فيه كل الخلق، وجعل العبيد للمملوكين والأرقاء. قال صاحب العين: إن العامة اجتمعوا على تفرقة ما بين عباد الله، والعبيد المملوكين.

وقال ابن الشجري: والعباد مختص بالله تعالى، يقولون: نحن عباد الله لا يكادون يضيفونه إلى الناس، وقد جاء ذلك فيما أنشده سيبويه من قول القائل:

أتوعدني بقومك يا ابن حجل أشابات يخالون العبادا

بما جمَّعْتَ من حَضَنٍ وعمرو وما حضن وعمرو والجيادا

قال ابن جني: وقلما يأتي عباد مضافا إلى غير الله، ثم أنشد الشاهد السابق، وقال عقبه: يريد عبيدا لبني آدم، ولا يجوز أن يكون في هذا المعنى عباد الله؛ لأن هذا ما لا يسب به أحد، والناس كلهم عباد الله تعالى.

ويخالف الأسود الغندجاني ابن جني وابن الشجري، ومن قبلهما السيرافي، في أن العباد هنا عباد الله، وأنه في تأويل العبيد، ويرى أن هذا خطأ، وأن الصواب أن الشاعر عنى بالعباد قوما كانوا يجتمعون على باب النعمان خولا من كل قبيلة، شبه هؤلاء بأولئك أي أنهم أخلاط.

ومن استعمال العباد مضافا إلى الخلق قوله عز وجل: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}.

قال أهل التفسير: إن المراد بالعباد هنا العبيد المملوكين الأرقاء. قال الأخفش: يريد من عبيدكم كما تقول: هم عباد الله وعبيد الله.

وقرأ الحسن ومجاهد: {من عبيدكم} وعلق أبو حيان على هذه القراءة فقال: وأكثر استعماله في المماليك.

وإذا كان العباد قد شاع وكثر استعماله مضافا إلى الله عز وجل وجاء العبيد مصروفا إلى المملوكين الأرقاء، فقد جاء أيضا مضافا إلى المولى عز وجل وخاصا به، وذلك قوله تعالى: {ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد} أي ليس بظلام لعبيده سبحانه وتعالى.

ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن: {فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبيدا لنا ... } والقراءة المتواترة (عبادا لنا)

وقال ابن جني تعليقا على قراءة علي والحسن هذه: أكثر اللغة أن تستعمل العبيد للناس والعباد لله، قال تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} وقال تعالى: {يا عباد فاتقون} وهو كثير، وقال: {وما ربك بظلام للعبيد}

ومن ذلك أيضا ما رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والظن ... وكونوا عبيد الله إخوانا)).

والرواية المحفوظة ((وكونوا عباد الله)). ............ ))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير