تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل العلم هو المعرفة]

ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[30 - 01 - 06, 11:26 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الفرق بين العلم والمعرفة

يجد الباحث عند تعرضه للتعريفات اختلافا بين أهل العلم في طريقة التعريف، ومرد ذلك في الغالب إلى الفروق اللغوية، ومن ذلك تعريف الفقه، فقال بعضهم هو العلم بالأحكام ... ، وقال آخرون هو معرفة الأحكام ... ، فهل هناك فرق بينهما؟

نجد كثيرا من العلماء لا يفرقون بين العلم والمعرفون فيطلقون أحدهما على الآخر، ففي مختار الصحاح (بتحقيق محمود خاطر):189: وعلم الشيء بالكسر يعلمه علما عرفه.

وفي اللسان 12/ 418: العلم ضد الجهل، ثم قال: علمت الشيء بمعنى عرفته وخبرته.

وقال ابن منظور في لسان العرب 9/ 236 (طبعة دار صادر): عرف العرفان العلم، ثم نقل عن ابن سيده قوله: وينفصلان بتحديد لا يليق بهذا المكان.

وهذا يدل على وجود فرق بين العلم والمعرفة، ومحصل ما وجدته من كلام أهل العلم في الفرق بين العلم والمعرفة ما يلي:

قال القرطبي في الجامع في أحكام القرآن (طبعة الشعب) 1/ 439: قوله تعالى (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت) علمتم معناه عرفتم اعيانهم وقيل علمتم أحكامهم.

والفرق بينهما أن المعرفة متوجهة إلى ذات المسمى والعلم متوجه إلى أحوال المسمى فإذا قلت عرفت زيدا فالمراد شخصه وإذا قلت علمت زيدا فالمراد به العلم بأحواله من فضل ونقص فعلى الأول يتعدى الفعل إلى مفعول واحد وهو قول سيبويه علمتم بمعنى عرفتم وعلى الثاني إلى مفعولين وحكى الأخفش ولقد علمت زيدا ولم أكن أعلمه وفي التنزيل لا تعلمونهم الله يعلمهم كل هذا بمعنى المعرفة.

وفي التعاريف للمناوي بتحقيق الداية /511: العرفان كالمعرفة إدراك الشيء بتفكر وتدبر فهو أخص من العلم ويقال فلان يعرف الله ولا يقال يعلم الله لما كانت المعرفة تستعمل في العلم القاصر المتوصل إليه بتفكر ويضاد المعرفة الإنكار والعلم الجهل والعارف المختص بمعرفة الله ومعرفة ملكوته وحسن معاملته تعالى

وقال المرزوقي في شرح ديوان الحماسة:

وقال آخر:

أما يستفيق القلب إلا انبرى له توهم صيف من سعاد ومربع

أخادع عن أطلالها العين إنه متى تعرف الأطلال عينك تدمع

عهدت بها وحشاً عليها براقه وهذي وحوش أصبحت لم تبرقع

... المراد: لا يحدث القلب بالسلو والإقامة مما تداخله من علائق حب هذه المرأة، وتشبث به فألهاه عن كل شيء، إلا اعترض له تذكر مصيف ومربع من أرضيها بعد التوهم. كأنه كان يقف على منازلهم فيتوهمها بآياتها وعلاماتها، ثم يعرفها. وأكثر ما يذكرون التوهم في الديار يعقبونه بالعرفان دون العلم. وهذا أحد ما نفصل به بين العلم والمعرفة، ولهذا وأشباهه ممتنع من أن نصف الله تعالى بأنه عارف. لذلك، قال زهير:

فلآياً عرفت الدار بعد توهم

وأشباهه كثير.

وقال أبو حيان التوحيدي في المقابسات: في المقابسة السبعون

وسألته عن الفرق بين المعرفة والعلم؟ فقال: المعرفة أخص بالمحسوسات والمعاني الجزئية: والعلم أخص بالمعقولات والمعاني الكلية.

قال غيره: ولهذا يقال في الباري: يعلم، ولا يقال يعرف ولا عارف.

وقال العسكري في الفروق ص 62: المعرفة أخص من العلم لأنها علم بعين الشيء مفصلا غما سواه، والعلم، يكون مجملا ومفصلا، ... ، والعلم يتعدى إلى مفعولين ليس لك الاقتصار على أحدهما، إلا أن يكون بمعنى المعرفة كقوله تعالى:" لا تعلمونهم الله يعلمهم".

وقال الطوفي في شرح مختصر الروضة 1/ 174: وقيل المعرفة تستدعي سابقة جهل بخلاف العلم.

وأهل التصوف يستعملون لفظة العارف كثيرا، ومعرفة مصطلحاتهم من باب معرفة الفرق المخالفة لأهل السنة، وقد درج أهل السنة على دراسة تلك الفرق للرد عليها. ففي ترجمة أبي جعفر الحداد من حلية الأولياء: وحكى عنه أحمد بن النعمان أنه قال: كنت جالساً على بركة بالبادية فيها ماء وقد مر على ستة عشر يوماً لم آكل ولم أشرب، فانتهى إلي أبو تراب فقال لي: ما جلوسك ههنا؟ فقلت: أنا بين المعرفة والعلم أنتظر ما يغلب علي فأكون معه. فقال أبو تراب: سيكون لك شأن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير