[ما هي أدلة كراهة تحدث المسلم العربي بلغة أجنبية أثناء حديثه العربية؟]
ـ[أبوالتراب الأثري]ــــــــ[26 - 01 - 06, 05:02 م]ـ
من فضلكم إخواني ما هي أدلة كراهة تحدث المسلم باللغة الأجنبية أثناء حديثه باللغه العربية.أو تحدثه ببعض الكلمات الغير عربيه أثناء الحديث مع الآخرين.؟
وجزاكم الله كل خير.
أسألكم الدعاء بالعلم والثبات على الحق.
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[27 - 01 - 06, 07:23 ص]ـ
أخي الكريم
لقد ابتلينا في هذا الزمن بغلبة الغرب كما قال تعالى:" وتلك الأيام نداولها بين الناس" (آل عمران: 149). ومن الحقائق الثابتة في علم الاجتماع أن المغلوب مولع بتقليد الغالب كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في المقدمة حيث قال:" المغلوب مولع أبدا بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده، والسبب في ذلك أن النفس أبدا تعتقد الكمال فيمن غلبها.
ولذا فقد أدرك السلف الناصحون، فحذروا من التحدث بغير العربية لمن يحسن العربية، لما في ذلك من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير. قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله:" وما زال السلف يكرهون تغييرَ شعائرِ العربِ حتى في المعاملات وهو التكلّم بغير العربية إلاّ لحاجة، كما نصّ على ذلك مالك والشافعي وأحمد، بل قال مالك: (مَنْ تكلّم في مسجدنا بغير العربية أُخرِجَ منه) مع أنّ سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها، ولكن سوغوها للحاجة، وكرهوها لغير الحاجة، ولحفظ شعائر الإسلام ". ونقل شيخ الإسلام عن الإمام أحمد كراهة الرَطانةِ، وتسميةِ الشهورِ بالأسماءِ الأعجميّةِ، والوجهُ عند الإمام أحمد في ذلك كراهةُ أن يتعوّد الرجل النطقَ بغير العربية.
وقال مصطفى صادق الرافعي رحمه الله:" ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمر لغته فرضاً على الأمّة المستعمَرة، ويركبهم بها، ويُشعرهم عظمته فيها، ويستلحِقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً في عملٍ واحدٍ: أمّا الأول فحَبْس لغتهم في لغته سجناً مؤبّداً، وأمّا الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً، وأمّا الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ ".
وما أبدع ما خطه يراع الرافعي في وصف حال من يتبجح بالحديث باللغة الأجنبية حيث يقول:" وإننا لنرى عجبا من بعض من استهوتهم الحضارة الغربية، فهم مستغربون في اتجاههم وحبهم وعاداتهم، فتجد أحدهم إذا تكلم بالعربية فإنه يتكلم بلغة تلعنها العربية، مرتفعا بها عن لغة الفصيح ارتفاعا منحطا، نازلا بها عن لغة السوقة نزولا عاليا، ورأيته يتكلف نسيان بعض الجمل العربية ليلوي لسانه بغيرها، لا تظرفا ولا تملحا ولا إظهارا لقدرة أو علم، ولكن استجابة للشعور الأجنبي الخفي المتمكن في نفسه، فكانت وطنية عقله تأبى إلا أن تكذِّب وطنية لسانه، وهو بإحداهما زائف على قومه وبالأخرى زائف على غير قومه. أتدري ما هو سر هؤلاء الكبراء الذين يطمطمون إذا تكلموا فيما بينهم؟ إنهم طبقات:
فأما الأولى: فإنهم يصنعون هذا الصنيع من جراء ما استقر في نفوسهم من كراهة التسلط التركي أيام حكمه فيحاولون أن يعبروا عنه بألسنتهم.
وأما الثانية: فإنهم يتكلفون هذا لما في نفوسهم من طباع أحدثها الخضوع والذل السياسي في عهد الاحتلال الإنجليزي. فاللغة الأجنبية بينهم تشريف وفخر.
وأما الثالثة: فإنهم يعمدون إلى هذا ويريدون به عيب اللغة العربية وتهجينها، وذلك من عداوتهم للدين الإسلامي.
وهناك بعض من يتكلم ببعض الكلمات الأجنبية غفلة منه وجهلا، فيقول على سبيل المثال:" النرفزة"، وهو قادر على أن يقول الغضب، ولكن هذا من تزيين وسائل الإعلام للكلمات المولدة الأعجمية".
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[27 - 01 - 06, 07:24 ص]ـ
وأضيف
إن للغة التي يتحدث بها الشخص تأثيرا على شخصيته، وهذا واقع محسوس فالذين يتبجحون باللغات الأجنبية بلا حاجة، من المنهزمين نجد أن أنفسهم ملئت كبرا واحتقارا للآخرين من المؤمنين، وإعزازا وإجلالا لأحبابهم من الغربيين. وكذلك من يتحدث الفصحى فإنه يتذكر أن لغته هي لغة الصدر الأول من الصحابة والتابعين، فكأنه يعيش معهم. قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:" اعلم أنّ اعتياد اللغة يؤثر في العقلِ والخلقِ والدينِ تأثيراً قويّاً بيّناً، ويؤثر أيضاً في مشابهةِ صدرِ هذه الأمّةِ من الصحابةِ والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقلَ والدينَ والخلقَ، وأيضاً فإنّ نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرضٌ واجبٌ، فإنّ فهم الكتاب والسنّة فرضٌ، ولا يُفهم إلاّ بفهم اللغة العربية، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب ".
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[27 - 01 - 06, 07:25 ص]ـ
وأختم:
نهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن تعلم غير لغة العرب لغير حاجة، حيث قال:" لا تعلموا رطانة الأعاجم .. " وسبب نهيه حتى تستمر لغة العربي سليمة. وهذا في عهد القوة الإسلامية، أما في العصور المتأخرة فالسيطرة والقوة بأيدي الغرب الكافر. فلا بد لأفراد من الأمة أن يتعلموا اللغات الأجنبية لكي يتواصلوا مع العالم ويستفيدوا من مخرجات الحضارات الأخرى.
وتعلم اللغات الأجنبية للحاجة جائز بل ومشروع فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلمت له كتاب يهود – وفي رواية: بالسريانية – وقال: إني والله ما آمن يهود على كتابي، فما مرَّ بي نصف شهر حتى تعلمته وحذقته، فكنت أكتب له إليهم وأقرأ له كتبهم". ففي هذا الحديث دلالة صريحة على أن تعلم العلوم الدنيوية التي فيها نفع عام للمسلمين مقصودة للشارع، مأجور عليها إن صلحت النية. وانظر إلى الإمام محمد بن عبدالباقي الأنصاري (ت 535هـ) لما أسر في أيدي الروم لم يترك وقته يضيع سدى بل تعلم منهم اللغة الرومية والخط الرومي لعله قد يحتاج إليها يوما. وروى الحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية عن عمر بن قيس قال: كان لابن الزبير رضي الله عنه مائة غلام، يتكلم كل غلام بلغة غير لغة الآخر".
¥