تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من يشتري البعر في سوق الدر؟ ومن يشتري الدر في سوق البعر؟]

ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[08 - 01 - 06, 01:26 م]ـ

إنهم الطلبة الذين حضروا عند الأصمعي وعند أبي عبيدة معمر بن الثمنى.

قال ياقوت في معجم الأدباء:

أبو عبيدة البصري مولى بني تيم، تيم قريش لا يتم الرباب، كان من أعلم الناس باللغة وأنساب العرب وأخبارها، وهو أول من صنف غريب الحديث، أخذعن يونس بن حبيب وأبي عمرو بن العلاء، وأسند الحديث إلى هشام بن عروة الإمام الحجة. قال يعقوب بن شيبة: سمعت ابن المديني يصحح رواية أبي عبيدة. وقال الدار قطي لابأس به، إلا أنه يتهم بشيء من رأي الخوارج ويتهم بالأحداث، واخذ عن أبي عبيدة أبو عبيد القاسم بن سلام، والأثرم علي بن المغيرة، وأبو عثمان المازني، وأبو حاتم السجستاني، وعمر بن شبة النميري وغيرهم. وقال أبو العباس المبرد: كان أبو عبيدة عالماً بالشعر والغريب والأخبار والنسب، وكان الأصمعي أعلم منه بالنحو، وكان العم من الأصمعي وأبي زيد بالأنساب، وكان أبو نواس يتعلم منه ويمدحه ويذم الأصمعي، سئل عن الأصمعي يوماً فقال: بلبل في قفص، وسئل عن أبي عبيدة فقال: أديم طوى على علم. وقال بعضهم: كان الطلبة إذا أتوا مجلس الأصمعي اشتروا البعر في سوق الدر، وإذا أتوا مجلس أبي عبيدة اشتروا الدر في سوق البعر، لأن الأصمعي كان حسن الإنشاء والزخرفة قليل الفائدة، وأبو عبيدة بضد ذلك. وقال يزيد بن مرة: كان أبو عبيدة ما يفتش عن العلوم إلا كان من يفتشه عنه يظن أنه لايحسن غيره، ولايقوم بشيء أجود من قيامه به. قال أبو حاتم: وكان مع علمه إذا قرأ البيت لم يقم إعرابه وينشده مختلف العروض. وقال ابن قتيبة: كان الغريب أغلب عليه وأيام العروض. وقال ابن قتيبة: كان الغريب أغلب عليه وأيام العرب أخبرها. وقال الجاحظ: لم يكن في الأرض خارجي ولا إجماعي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة.

ويحكى أنه كان يرى رأى الخوارج الإباضية. وقيل: كان شعوبياً يطعن في الأنساب. قال: قال أبو العيناء: قال رجل لأبي عبيدة ياأبا عبيدة: قد ذكرت الناس وطعنت في أنسابهم، فبالله إلا ماعرفتني من أبوك وماأصله؟ فقال: حدثني أبي أن أباه كان يهودياً. وحدث الصولي عن محمد بن سعيد عن عيسى بن اسماعيل قال: جلس إبان ابن عبد الحميد اللاحقي ليلة في قوم فثلب أبا عبيدة فقال في مجلسه: لقد أغفل السلطان كل شيء حين أغفل أخذ الجزية من أبان اللاحقي، وهو وأهله يهود وهذه منازلهم فيها أسفار التوراة وليس فيها مصحف، وأوضح دلالة على يهوديتهم أن أكثرهم يدعى حفظ التوراة ولايحفظ من القرآن مايصلى به، فبلغ ذلك أبان فقال:

لاتنمن عن صديق حديثاً واستعذ من تسرر النمام

واخفض الصوت إن نطقت بليل والتفت بالنهار قبل الكلام

وحكى أبو الحسن الأسدي قال: حدثنا حماد بن إسحاق الموصلي عن أبيه قال: أنشدت الفضل بن الربيع أبياتاً كان الأصمعي أنشدنيها في صفة فرس له وهي:

كأنه في الحل وهو سام مشتمل جاء من الحمام

يسور بين السرج واللجام سور القطا خف إلى اليمام

قال: ودخل الأصمعي فسمعني أنشدها فقال: هات بقيتها فقلت: ألم تقل إنه لم يبق منها شيء؟ فقال: مابقي منها إلا عيونها، ثم أنشد بعدها ثلاثين بيتاً فغاظى فعله، فلما خرج عرفت الفضل بن الربيع قلة شكره لعارفةٍ وبخله بما عنده، ووصفت له فضل أبي عبيدة معمر بن المثنى وعلمه ونزاهته، وبذله ماعنده واشتماله على جميع علوم العرب، ورغبته فيه حتى أنفذ إليه مالاً جليللاً واستقدمه فكنت سبب مجيئه من البصرة.

قال أبو عبيدة: أرسل إلى الفضل بن الربيع إلى البصرة في الخروج إليه سنة ثمان وثمانين ومائة، فقدمت إلى بغداد واستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت عليه وهو في مجلس له طويل عريض فيه بساط واحد قد ملاه، وفي صدره فرش عالية لا يرتقي إليها على كرسي وهو جالس عليها فسلمت عليه بالوزارة فرد وضحك إلي واستدناني حتى جلست إليه على فرشه ثم سألني وألطفني وباسطني وقال: أنشدني، فأنشدته فطرب وضحك وزار نشاطه، ثم دخل رجل في زي الكتاب له هيئة فأجلسه إلى جانبي وقال له: أتعرف هذا؟ قال لا: قال: هذا أبو عبيدة علامة أهل البصرة، أقدمناه لنستفيد من علمه، فدعا له الرجل وقرظه لفعله هذا وقال لي: إني كنت إليك مشتاقا، وقد سألت عن مسألة أفتأذن لي أن أعرفك إياها، فقلت هات، قال الله عز وجل: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين)، وإنما يقع الوعد والأبعاد بما عرف مثله وهذا لم يعرف. فقلت: إنما كلم الله تعالى العرب على قدر كلامهم، أما سمعت قول امرئ القيس:

أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال

وهم لم يروا الغول قط، ولكنهم لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به، فاستحسن الفضل ذلك واستحسنه السائل، وعزمت من ذلك اليوم أن أضع كتاباً في القرآن في مثل هذا وأشباهه وما يحتاج إليه من علمه، فلما رجعت إلى البصرة عملت كتابي الذي سميته المجاز، وسألت عن الرجل السائل فقيل لي: هو من كتاب الوزير وجلسائه، وهو إبراهيم بن إسماعيل الكاتب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير